الْأَحَادِيث وَكَذَا قَوْله وَإِن عرفت تَأْوِيله يجب الْكَفَّارَة يُشِير إِلَى أَن المُرَاد بالعامي غير الْعَالم وَفِي الْحميدِي الْعَاميّ مَنْسُوب إِلَى الْعَامَّة وهم الْجُهَّال فَعلم من هَذِه الأشارات أَن مُرَاد أبي يُوسُف بالعامي الْجَاهِل الَّذِي لَا يعرف معنى النَّص انْتهى مُلَخصا
قلت فِي كَلَام الْحَافِظ أبي عمر من الْآثَار الْمُتَقَدّمَة فِي هَذَا الْبَاب وَفِي بَاب ذمّ الرَّأْي مَا يدل على أَن المُرَاد بالعامي الْجَاهِل الصّرْف فَهُوَ ظَاهر لمن تَأمل فِيهِ وَقَول الْحَافِظ أبي عمر بن عبد البر لم يخْتَلف الْعلمَاء أَن الْعَامَّة عَلَيْهَا تَقْلِيد علمائها وَأَنَّهُمْ المرادون بقول الله ﷿ ﴿فاسألوا أهل الذّكر﴾ الخ فِيهِ نظر فَإِن دَعْوَى الْإِجْمَاع فِيهِ غير مُسلم فقد نقل الْأَصْفَهَانِي فِي تَفْسِيره عَن الإِمَام ابْن دَقِيق الْعِيد مَا ملخصه أَن اجْتِهَاد الْعَاميّ عِنْد من قَالَ بِهِ من الْعلمَاء هُوَ أَنه إِذا سُئِلَ فِي هَذِه الْأَعْصَار الَّتِي غلب فِيهَا الْفَتْوَى بالاختيارات البشرية غير المعصومة بل الْمُخْتَلفَة المتضادة أَن يَقُول للمفتي هَكَذَا أَمر الله تَعَالَى وَرَسُوله فَإِن قَالَ نعم أَخذ بقوله وَلم يلْزمه أَكثر من هَذَا الْبَحْث وَلَا يلْزم الْمُفْتِي أَن يذكر لَهُ الْآيَة والْحَدِيث وَمَا دلا عَلَيْهِ واستخرج مِنْهَا بطرِيق الْأُصُول الصَّحِيح وَإِن قَالَ لَهُ هَذَا قولي أَو رَأْيِي أَو رَأْي فلَان أَو مذْهبه فعين وَاحِدًا من الْفُقَهَاء أَو انتهره أَو سكت عَنهُ فَلهُ طلب عَالم غَيره حَيْثُ كَانَ يفتيه بِحكم الله تَعَالَى وَحكم نبيه مُحَمَّد ص فِي ذَلِك وَمَا يجب فِي دين الْإِسْلَام فِي تِلْكَ المسئلة وَمن تَأمل أَقْوَال السّلف وَالْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة فِي الْحَث على أَن لَا يستفتى إِلَّا الْعَالم بِالْكتاب وَالسّنة عرف مصداق مَا ذَكرْنَاهُ وَقد قَالَ عبد الله بن الإِمَام أَحْمد قلت لأبي الرجل تنزل بِهِ النَّازِلَة وَلَيْسَ يجد إِلَّا قوما من أَصْحَاب الحَدِيث وَالرِّوَايَة لَا علم لَهُم بالفقه وقوما من أَصْحَاب الرَّأْي لَا علم لَهُم بِالْحَدِيثِ قَالَ يسْأَل أَصْحَاب الحَدِيث وَلَا يسْأَل أَصْحَاب الراي ضَعِيف الحَدِيث خير من الرَّأْي إِلَى أَشْيَاء كَثِيرَة فِي هَذَا الْبَاب لَا نطول بذكرها وَلَيْسَ للفتى أَن يَقُول هَذَا حكم الله أَو حكم رَسُوله ص إِلَّا إِذا كَانَ منطوقا بِهِ أَو مستخرجا بِوَجْه مجمع عَلَيْهِ أَو قوي الدّلَالَة جدا بِحَسب وَسعه واستعداده وَأما إِذا أفتاه باستحسان أَو بمصالح مُرْسلَة أَو بقول صَحَابِيّ أَو بتقليد أَو قِيَاس فَلَا يجوز أَن يَقُول لَهُ هَذَا حكم الله أَو حكم رَسُوله ص وَفِي الصَّحِيح قَوْله ص وَإِذا حاصرت أهل حصن فأرادوا مِنْك أَن تنزلهم على حكم الله فأنزلهم على حكمك أَنْت فَإنَّك لَا تَدْرِي مَا حكم الله فيهم أَو كَمَا قَالَ ص هَذَا مَعَ أَن ذَلِك الحكم قد يكون مَنْصُوصا عَلَيْهِ إِمَّا بِاللَّفْظِ القرآني أَو النَّبَوِيّ أَو الْعَمَل الصَّحِيح من النَّبِي ﷺ فِي مغازيه بل هُوَ الْغَالِب عَلَيْهِ فَكيف بِالْقِيَاسِ وَنَحْوه من الْأُمُور المتعارضة الَّتِي لَا يَخْلُو وَاحِد مِنْهَا من مُعَارضَة مَا هُوَ أقوى مِنْهُ قَالَ وَأَخْبرنِي بِهِ صاحبنا الْفَقِيه الْعَلامَة كَمَال الدّين جَعْفَر بن ثَعْلَب الأدفوي عَن أبي الْفَتْح الْعَلامَة الْمُجْتَهد تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَإنَّهُ طلب مِنْهُ وَرقا نَحْو خَمْسَة عشر كراسا وكتبها فِي مرض مَوته وَجعلهَا تَحت فرَاشه فَلَمَّا مَاتَ أخرجناها فَإِذا هِيَ فِي
1 / 39