فِي دين الله سُبْحَانَهُ والعلوم عِنْد جَمِيع أهل الديانَات ثَلَاثَة علم أَعلَى وَعلم أَوسط وَعلم أَسْفَل فالعلم الْأَعْلَى عِنْدهم علم الدّين الَّذِي لَا يجوز لأحدالكلام فِيهِ بِغَيْر مَا أنزل الله تَعَالَى فِي كتبه وعَلى أَلْسِنَة أنبيائه صلوَات الله عَلَيْهِم نصا وَالْعلم الْأَوْسَط هُوَ معرفَة عُلُوم الدُّنْيَا الَّتِي يكون معرفَة الشَّيْء مِنْهَا بِمَعْرِفَة نَظِيره ويستدل عَلَيْهِ بِجِنْسِهِ ونوعه كعلم الطِّبّ والهندسة وَالْعلم الْأَسْفَل هُوَ إحكام الصناعات وضروب الْأَعْمَال مثل السباحة والفروسية وَالرَّمْي والتزويق والخط وَمَا أشبه ذَلِك من الْأَعْمَال الَّتِي هِيَ أَكثر من أَن يجمعها كتاب أَو يَأْتِي عَلَيْهَا وصف وَإِنَّمَا تحصل بتدريب الْجَوَارِح فِيهَا فالعلم الْأَعْلَى علم الْأَدْيَان والأوسط علم الْأَبدَان والأسفل مَا دربت على علمه الْجَوَارِح وَاتفقَ أهل الْأَدْيَان أَن الْعلم الْأَعْلَى هُوَ علم الدّين وَاتفقَ أهل الْإِسْلَام أَن الدّين تكون مَعْرفَته على ثَلَاثَة أَقسَام أَولهَا معرفَة خَاصَّة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَذَلِكَ معرفَة التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص وَلَا يُوصل إِلَى علم ذَلِك إِلَّا بِالنَّبِيِّ ﷺ فَهُوَ الْمُؤَدِّي عَن الله والمبين لمراده تَعَالَى وَبِمَا فِي الْقُرْآن من الْأَمر بِالِاعْتِبَارِ فِي خلق الله تَعَالَى بالدلائل من آثَار صَنعته فِي بريته على توحيده وأزليته سُبْحَانَهُ وَالْإِقْرَار والتصديق بِكُل مَا فِي الْقُرْآن وبملائكة الله وَكتبه وَرُسُله
وَالْقسم الثَّانِي معرفَة مخرج خبر الدّين وشرائعه وَذَلِكَ معرفَة النَّبِي ﷺ الَّذِي شرع الله تَعَالَى الدّين على لِسَانه وَيَده وَمَعْرِفَة أَصْحَابه الَّذين أَدّوا ذَلِك عَنهُ وَمَعْرِفَة الرِّجَال الَّذين حملُوا ذَلِك وطبقاتهم إِلَى زَمَانك وَمَعْرِفَة الْخَبَر الَّذِي يقطع الْعذر لتواتره وظهوره وَقد وضع الْعلمَاء فِي كتب الْأُصُول من تَلْخِيص وُجُوه الْأَخْبَار ومخارجها مَا يَكْفِي النَّاظر فِيهِ ويشفيه فَرَاجعه فِيهَا
وَالْقسم الثَّالِث معرفَة السّنَن واجبها وآدابها وَعلم الْأَحْكَام وَفِي ذَلِك يدْخل خبر الْخَاصَّة الْعُدُول ومعرفته وَمَعْرِفَة الْفَرِيضَة من النَّافِلَة ومخارج الْحُقُوق والتداعي وَمَعْرِفَة الْإِجْمَاع من الشذوذ قَالُوا وَلَا يُوصل إِلَى الْفِقْه إِلَّا بِمَعْرِفَة ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
بَاب من يسْتَحق أَن يُسمى فَقِيها أَو عَالما حَقِيقَة لَا مجَازًا أَو من يجوز لَهُ الْفتيا عِنْد الْعلمَاء
أخرج أَبُو عمر بأسانيد رجال بَعْضهَا ثقاة عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن رَسُول الله ﷺ أَنه قَالَ لَهُ يَا عبد الله بن مَسْعُود قلت لبيْك يَا رَسُول الله ثَلَاث مَرَّات قَالَ أَتَدْرِي أَي النَّاس أعلم قلت الله وسوله أعلم قَالَ أعلم النَّاس أبصرهم بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس وَإِن كَانَ مقصرا فِي الْعَمَل وَإِن كَانَ يزحف على استه قَالَ أَبُو يُوسُف وَهَذِه صفة الْفُقَهَاء وَفِي رِوَايَة
1 / 31