Introduction to Quranic Interpretation and Sciences
مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه
Yayıncı
دار القلم / دار الشاميه
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
Yayın Yeri
دمشق / بيروت
Türler
قبل قليل، والذي أثبت استعصاء اللغة العربية الفصيحة على الاضمحلال والتفكك والزوال، ما دام القرآن موجودا يعلن خلود لغته خلوده،، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)، وصدق الله العظيم.
إن التكفل الإلهي بحفظ القرآن الكريم- بوصف الإسلام الدين الخاتم إلى يوم الدين- يتضمن تلقائيا، أو في طياته تكفلا بحفظ اللغة العربية من التحلل والتفكك والزوال ... فبقاء القرآن يعني بقاء لغته الشريفة! أن اللغة العربية لن يأتي عليها زمان- من وقت نزول القرآن إلى يوم الدين- تصبح فيه لغة ميتة أو تاريخية ... أو بحيث يصبح فهمها والتعامل معها- فضلا عن استخدامها- لا يقوى عليه إلا الخاصة، أو يحتاج إلى ترجمان! ولسوف تبقى العربية مع ذلك التكفل الإلهي لسان الملايين ... وبخاصة إذا تذكرنا أيضا قول الله ﵎:
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) [سورة القمر، الآية ١٧].
وعلى الرغم من اعتقادنا الجازم بأن مسألة انتصار اللغة العربية الفصيحة على سائر اللهجات و«العاميّات» في البلاد العربية، مسألة محسومة، ولا تحتاج منا إلى جهد يذكر! فإننا ننظر إلى دعوة بعضهم- اليوم وبعد الاستعمار اللغوي الثقافي الطويل في الجزائر وغيرها- إلى الكتابة بالعامية- كسعيد عقل ولويس عوض وضربائهما- على أنها دعوات مشبوهة، هدفها الأخير قطع الأمة العربية الإسلامية عن ماضيها وتراثها وتاريخها، لتبدأ- على زعمهم- من الصفر، ولتتمزّق من ثم إلى شعوب متباينة وأمم شتى! وكأن أصحاب هذه الدعوى- بالنظر إلى ما قدمناه من فضل القرآن الكريم ويده الطولى على العربية، بل ما منحه إياها من الشرف والرفعة والسموّ والقداسة- إن صح التعبير- يقومون بحركة التفاف وتطويق حول القرآن الكريم نفسه، وحول الثقافة العربية والفكر الإسلامي على وجه العموم؛ علّهم ينجحون حيث أخفق الكثير من محترفي الاستشراق والتبشير: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠) [سورة الأنفال، الآية ٣٠].
1 / 32