فجميع ذلك وما هو نحوه، دال على انقطاع الحس والحركة من الميت، وأن أرواحهم ممسكة، وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة ونقصان.
فدل ذلك: أن (١) ليس للميت تصرف في ذاته- فضلا عن غيره- بحركة، وأن روحه محبوسة مرهونة بعملها من خير وشر، فإذا عجز عن حركته لنفسه فكيف يتصرف لغيره؟.
فالله سبحانه: يخبر أن الأرواح عنده، وهؤلاء الملحدون يقولون: إن الأرواح مطلقة متصرفة! قل أأنتم أعلم أم الله؟.
قال: وأما اعتقادهم أن هذه التصرفات لهم من الكرامات: فهو من المغالطة؛ لأن الكرامة شيء من عند الله، يكرم بها أولياءه، لا قصد لهم فيه ولا تحد، ولا قدرة ولا علم، كما في قصة مريم ابنة عمران، وأسيد بن حضير (٢)، وأبي مسلم الخولاني (٣) .
_________
=والترمذي في "الجامع" رقم ١٣٧٦، والنسائي في "المجتبى" رقم ٣٦٥١، وأحمد في "المسند" ٢/٣٧٢، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم ٣٨،والبيهقي في "السنن الكبرى" ٦/٢٧٨ من حديث أبي هريرة.
(١) (ع) (ط): أنه.
(٢) أبو يحيى بن سماك بن عتيق الأنصاري الأشهلي، صحابي جليل، مات سنة عشرين، وكان من خبره ﵁، أنه سمر ذات ليلة هو وعباد بن بشر عند رسول الله ﷺ فتحدثا معه، ثم خرجا فأضاءت لهما عصا أحدهما فمشيا في ضوئها، فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد عصاه. أخرجه ابن سعد في "الطبقات"٣/٦٠٦، وأحمد في "المسند" ٣/١٣٨،١٩٠، ٢٧٢، والحاكم في "المستدرك" ٣/٢٨٨، والبيهقي في "الدلائل" ٦/٧٧،والبخاري في "الصحيح" رقم ٣٨٠٥ تعليقا من حديث أنس.
(٣) عبد الله بن أثوب الشامي، ثقة عابد زاهد، ت في زمن ابن معاوية السفياني، من كراماته: نجاته من النار التي أججها الطاغية الكذاب، الأسود العنسي، ثم ألقاه فيها. قال عنه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ﵁: الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا، حتى أراني في أمة محمد ﷺ من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الرحمن ﵇ أخرجه أبو نعيم في الحلية٢/١٢٩.
1 / 81