فهذا من أعظم الشرك الذي كفَّر الله به المشركين، حيث اتخذوا من دون الله (١) أولياء وشفعاء: يجتلبون بهم المنافع، ويدفعون (٢) بهم المضار.
إلى أن قال: من جعل الأنبياء والملائكة وسائط، يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب وهداية القلوب وتفريج الكربات (٣) وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين.
إلى أن قال: فمن أثبت وسائط بين الله وبين خلقه- كالحُجَّاب الذين بين الملك وبين رعيته- (٤) / بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه.
وأن الله إنما يهدي عباده وينصرهم ويرزقهم، بتوسطهم: بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس؛ لقربهم منهم، والناس يسألونهم: أدبا منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لأن طلبهم من الوسائل (٥) أنفع لهم من طلبهم من الملك؛ لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب.
فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه: فهو كافر مشرك، يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وهؤلاء مشبهون، شبهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا لله أندادا. وفي القرآن من الرد على هؤلاء: ما لا تتسع له هذه الفتوى (٦) .
_________
(١) (ع): دونه.
(٢) (ع): ويستدفعون.
(٣) (ع): الكروب.
(٤) (ع) (ط): وبين رعيته.
(٥) (ع): الوسائط.
(٦) ينظر الواسطة بين الخلق والحق "مجموع فتاوى ابن تيمية" ١/١٢١-١٢٦.
1 / 61