Üstünlük
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
المذهب الأول: وهو الذي عليه أكثر العلماء من أئمة العترة وفقهاء الأمة، وهو أن يكون إلحاق ما عداها من الأفواه بالقياس على الهرة بجامع الطوفان، وذلك لأن فهم العلة قد يكون بالتنصيص كقول الشارع: (( حرمت الخمر لشدتها أو لأجل شدتها)). وقد تكون بالإيماء كقوله عليه السلام: (( إنها من الطوافين عليكم والطوافات)). وقوله: (( القاتل لا يرث))(¬1). وغير ذلك من أنواع التنبيهات على العلل الشرعية، وقد تكون من جهة الاستنباط، فلا تخلو العلة عن إحدى هذه الطرق الثلاث، وطريق تقرير العلة في خبر الهرة قوله : (( إنها ليست بنجس)) ثم علل عدم النجاسة فيها بأنها من الطوافين، فحصل من ذلك أن عدم النجاسة لعلة الطوفان علينا، فمن شاركها في هذه العلة مما يكثر طوفه علينا مثل كثرة تطوافها، فالنجاسة عنه منتفية، وهذا هو الأصل في تقرير كل علة من العلل الشرعية يجري على ما ذكرناه من غير مخالفة، كالصبيان الصغار، فإن أفواههم تطهر في هذه المدة إذا وقع منهم القيء، وكثيرا ما يسنح في حقهم، وهكذا الحال في الفأرة إذا أكلت العذرة فإن هذه الأفواه تطهر بالريق، إما بعد الليلة أو اليوم كما قاله المؤيد بالله، وإما بمجموعهما كما خرجه أبومضر.
نعم.. طهارة هذه الأفواه بالريق مخالف للقياس من جهة أن القياس أن النجاسة لا تطهر بشيء سوى الماء؛ لأنه هو الأصل في إزالتها، وإن جاء شيء على خلاف ذلك فهو مخالف للقياس، كما أن الأصل في طهارة الحدث ألا يكون إلا بالماء، وما خرج عن ذلك فعلى مخالفة القياس وقد مر بيانه، وإنما قضينا بطهارة الأفواه بالريق على جهة الاستحسان لما ذكرناه من الأدلة الشرعية، والاستحسان معمول به عندنا، وهو أخص من القياس وأقوى في الدلالة على الحكم، وحكي عن الشافعي: إنكاره. والقول به هو قول أئمة العترة، وهو محكي عن أبي حنيفة وأصحابه، وقد أقمنا على صحة القول به البرهان الأصولي، فحصل من مجموع ما ذكرناه هاهنا: أن طهارة الأفواه وإن كان جاريا على مخالفة القياس، لكن أفواه ما عدا الهرة مقيس عليها على جهة الاستحسان.
المذهب الثاني: إلحاق ما عدا فم الهرة من الأفواه ليس على جهة القياس، وذلك يكون على أوجه ثلاثة:
Sayfa 425