Üstünlük
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Türler
ويدل على ما اخترناه: هو أن هذه الأحكام لو كانت شرعية لكان لا يعلمها إلا من علم طريقها، ونحن نعلم قطعا أن منكري النبوات والشرائع قاطعون بصحة هذه الأحكام من استحسان الصدق، وتقبيح الكذب والظلم، ونعلم بالضرورة كونهم عالمين بها ولو كان مستندها النقل لانسد عليهم العلم بها.
وفيما ذكرناه كفاية على التنبيه في تحسين العقل وتقبيحه، وهو المقدار اللائق بالكتب الفقهية. وقد أودعنا الكتب العقلية ما فيه كفاية، ورددنا على الشيخ أبي حامد الغزالي وغيره من نظار الأشعرية، وكشفنا عن غلطاته والحمد لله تعالى.
المطلب الثاني: في صحة نقل الأسماء من اللغة إلى الشرع.
واعلم أنه لا خلاف بين أهل القبلة من علماء الأمة في جواز ذلك وصحته، وما يحكى عن الصيمري (¬1) من أن دلالة اللفظ على معناه لذاته، فلا يصح نقله، فلا يلتفت إليه لضعفه؛ لأن حقيقته آيلة إلى تغير الدواعي وهو تابع للاختيار، سواء قلنا: إن إفادة الألفاظ لمعانيها بالتوقيف أو بالمواضعة، فلا مانع من مثل هذا، ولا حرج من جهة العقل أن يختار مختار نقل اسم من معناه إلى معنى آخر لغرض من الأغراض، وإنما الخلاف في وقوعه سمعا. وقد وقع فيه تردد ونزاع بين العلماء.
فالذي ذهب إليه أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة أن في الشرع أسماء منقولة عن معانيها اللغوية إلى معان أخر قد وقعت المواضعة الشرعية، وصار نقلها تاما، حتى صارت معانيها اللغوية نسيا منسيا لا تفهم منها بحال، ثم تنقسم إلى أسماء شرعية، نحو الصلاة والزكاة والحج والصوم .. وغير ذلك من الأسماء المفيدة لمعان شرعية . وإلى دينية، نحو قولنا: مؤمن، كافر، فاسق، منافق. ونعني بكونها دينية هو أنها قد صارت تفيد مدحا وذما بتصرف الشرع ونقله.
وحكي عن بعض فرق المرجئة(¬2): أنها باقية على معانيها اللغوية من غير أن يكون للشرع تصرف فيها بحال، وعلى هذا قالوا: بأن الفاسق مؤمن لكونه مصدقا بالله ورسله، وإلى هذا ذهب بعض النظار من الأشعرية، كما هو محكي عن أبي بكر الباقلاني (¬1).
Sayfa 134