واحتج أصحابنا في وصول ذلك الأموات وانتفاعهم به، بما رواه أبو بكر النجاد في سننه بإسناده في كتاب الجنائز من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن العاص بن وائل كان نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته من ذلك خمسين بدنة، أننحر عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أباك لو كان آمن بالتوحيد فصمت عنه أو تصدقت أو أعتقت عنه بلغه ذلك)). فجعل النبي صلى الله عليه وسلم العلة في [عدم] وصول ذلك إليه: عدم التوحيد، وذلك يعم النذر وغيره، وليس للمخالف أن يقول: (هذا وارد في النذر ونحن نوافق على ذلك، وإنما خالفناكم إذا فعل ذلك مبتدئا، ثم أهدى ثوابه، وليس في الخبر ما يدل عليه) فإنا نقول: نحن احتجاجنا باللفظ وهو أعم من السبب، وأقوى من العلة، لأنه قد ذكر الصدقة في الخبر، وعندهم أن الصدقة تنفعه من غير نذر، فعلمنا أن النذر ليس بشرط فيه.
واحتج أصحابنا أيضا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله فقال: يا رسول الله! كان لي أبوان، وكنت أبرهما أيام حياتهما، فكيف بالبر بعد موتهما؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن من البر بعد الموت: أن تصلي لهما مع صلاتك، وأن تصوم [لهما] مع صيامك، وأن تتصدق لهما مع صدقتك)).
Sayfa 61