وأعظم ما ساعدنا على الاختراع هو اللغة؛ لأن الفكرة كلمة وقد أحس الإغريقي هذه الحقيقة حين اشتقوا المنطق «لوجيك» من الكلمة «لوجوس»، وما دمنا نرث نحو مئتي أو ثلاث مئة كلمة فإننا بذلك نرث نحو مئتي أو ثلاث مئة فكرة، نجمع بينها ونتصور بها وهذا هو ما ينقص الشمبنزي أذكى القردة العليا.
قد نقول هنا: إن الشمبنزي عرف وتصور فوضع العصا داخل العصا دون أن تكون لديه كلمات، وهذا صحيح، ولكن كان تصوره هنا بسيطا: فكرتين فقط هما تقدير المسافة إلى الموز والعصا الطويلة.
أما نحن فنحتاج إلى اللغة؛ لأننا نحتاج إلى أن نؤلف نحو عشر فكرات نستخرج منها صورة، فإذا لم يكن لهذه الفكرات كلمات فإننا نعجز عن «التصور».
والتصور الذي يربط فكرة بفكرة والذي ينبع من المخ قد ربط بين ملايين الخلايا التي بالمخ، وأيضا زاد النمو في هذا المخ كي يزداد قدرة على التصور.
وعندي أنه ليس المخ الكبير الذي نمتاز به من القردة العليا هو الذي أوجد اللغة وزاد قدرتنا على التفكير والاختراع، وإنما العكس هو الصحيح؛ أي: أن قدرتنا على إيجاد الكلمات وتوارثها زادا حجم المخ.
والأصل في اللغة هو الاجتماع؛ إذ لا معنى للغة إذا كان الإنسان قد عاش منفردا.
قدرة اللسان على النطق أوجدت الكلمات؛ أي: الفكرات.
والكلمات الجديدة العديدة احتاجت إلى ذاكرة؛ أي: احتاجت إلى تدريب.
وكما أن التدريب يكبر عضلات الرياضي كذلك تدريب المخ بالذاكرة وبالتفكير قد كبر المخ. •••
ولكننا هنا يجب ألا ننسى الأساس لكل هذا وهو الاجتماع.
Bilinmeyen sayfa