İnsan, Hayvan, Makine: İnsan Doğasının Sürekli Yeniden Tanımlanması
الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية
Türler
تلاحقنا الأشياء في حياتنا فترتبط بذكريات سعيدة أو مؤلمة، فقد يصعب علينا الابتعاد عن تحفة فنية شاهدة على فترة ممتعة من حياتنا، أو قد نحرق في المدخنة رسائل وصورا شاهدة على فترة نريد نسيانها. فتشبه الأشياء وعاء قادرا على أن يضم ما نضعه فيه، وهي أيضا دعامة للذاكرة كما ذكرنا من قبل (انظر الفصل الثاني).
4
ومن بين كل هذه الأشياء، تمثل الآلات فئة مميزة، فبما أننا لا نفهم عملها بالكامل، وبما أنها ليست مطيعة ومرنة في التحكم بالكامل، وبما أنها تأبى أن «تعمل» أو أن «تتوقف» فجأة، فينتهي بنا الأمر إلى معاملتها مثل الكائنات الاجتماعية أو الحية. فيقترب تعقيد مشاعرنا إزاءها من تعقيد العلاقات الإنسانية «التقليدية». (2-2) كيف نصمم آلة ودودة؟
تحاول بعض الآلات أن تعمل بأكبر بديهة وفاعلية ممكنة بحيث يتم تناسي أصلها الآلي، ولكن تستغل آلات أخرى شكلها الإنساني فتصمم بوضوح لإثارة الود والتعاطف.
يبدأ ذلك بمظهرها. فثمة طريقة بسيطة لإثارة تعاطفنا، ألا وهي استخدام بعض العوامل المثيرة الفطرية لدينا؛ فعندما نرى هيئة كائن حي أو غير حي تمتلك سمات طفولية نشعر بحنان فوري ولا واع. وفيما يلي بعض السمات المثيرة التي يذكرها كونراد لورنتس: «رأس كبير نسبيا، وجمجمة غير متناسقة، وأعين واسعة تنظر إلى أسفل، وتقوس كبير للجزء الأمامي من الوجنتين، وأطراف قصيرة وسميكة، وكثافة صلبة ومرنة، وأفعال مرتبكة.» ومنذ سنوات عديدة، يستغل المصممون وصانعو منتجات القطيفة والدمى وفنانو الرسوم المتحركة بداهتنا لكي نشعر بالتعاطف مع إبداعاتهم وذلك دون أن ندري.
5
ومن أجل إثارة تعاطفنا تلقائيا، ينفصل تأثير «العوامل المثيرة الآلية» التي ذكرها كونراد لورنتس بصورة كبيرة عن مسألة الواقعية؛ فإننا لن نتقبل الآلة بصورة أفضل بسبب مجرد تشابهها خارجيا مع الإنسان، بل في المقابل إذا زاد هذا التشابه مع الإنسان عن حده فقد يضر ذلك بتقبلها. وبالمقارنة بين الآلة ونموذجها نكتشف على الفور عيوبها وحدودها. وعلى النقيض من ذلك يتعين بلا شك أن يظهر الطابع الاصطناعي للآلة بوضوح بغية إثارة التعاطف (انظر الفصل الثامن عشر). (2-3) هل يمكن أن تظهر الآلة الارتباط بنا؟
ولكن هل يعد ذلك كافيا حقا؟ أيكفي أن «تداعب» الآلة المثيرات الفطرية لدينا لكي نبدي لها على الفور تعاطفنا ونعاملها بمنزلة الصديق؟ فلتلاحظوا كلبا في نزهة فستجدونه يسير تارة أمام صاحبه وتارة خلفه وينطلق أحيانا لاستكشاف الأدغال، ولكنه يلقي نظرة دائما لمعرفة إذا ما كان صاحبه لا يزال موجودا أم لا. وتعكس حدود هذه المسافة التي يرفض تخطيها النزعتين المتناقضتين المميزتين لسلوكه: حريته وارتباطه. وتكمن قيمة ارتباطه في عدم كونه مجبورا؛ فللكلب الحرية في الرحيل.
كيف يمكن أن تظهر الآلة الارتباط بنا؟ يرى البعض أنه لا وجه للسؤال بلا شك؛ فالآلة تظل في النهاية جمادا. ولقد عرفنا بشرا يشغفون بالأشياء الجامدة؛ فقد يرتبط بعض المجمعين بقطع نادرة من مجموعاتهم، ولكنهم ليسوا مجانين بالدرجة التي تجعلهم يفكرون في أن الأشياء تشعر بعاطفة ما في مقابل العناية التي يمنحونها إياها؛ فللحيوان وحده القدرة على مبادلتنا الحب الذي نكنه له.
ولكن ما هي معارفنا في هذا الشأن؟ يذكرنا النقاش بشأن قدرة الآلة المحتملة على الارتباط أو العاطفة بالنقاش حول ذكائها المحتمل. ومن أجل أن يتجاوز النقاش مجرد الاعتبارات الأيديولوجية أو الدينية يمكننا أن نضع «اختبار تورنج» جديدا فيما يتعلق بالارتباط (انظر الفصل الرابع)، إلا أن هذا الاختبار موجود بالفعل. يعد قسم الإيثولوجيا الذي يديره البروفسير سيساني بجامعة أوتفوش لوراند في بودابست من المؤسسات التعليمية النادرة المعنية بدراسة العلاقات التي تربط منذ عدة قرون بين الإنسان والكلب الأليف بالمنزل. وقد اهتم فريقه بالطبيعة الخاصة للارتباط الذي ينشأ بين جرو وصاحبه. وبواسطة اختبار الموقف الغريب لأينسوورث شائع الاستخدام في علم النفس، استطاع هذا الفريق وضع مقياس للتحليل يسمح بمعرفة إذا ما كان الكلب يبدي ارتباطا ما تجاه صاحبه.
Bilinmeyen sayfa