İnsan, Hayvan, Makine: İnsan Doğasının Sürekli Yeniden Tanımlanması
الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية
Türler
قد نعتقد أيضا أن هذه الآليات التي لا جدال عليها (فكل علماء الأحياء الكبار حاليا يسلمون بالأفكار الداروينية) لا تفسر كل شيء، وأن بعض المبادئ التنظيمية قد تدل أيضا على التعقيد، ويمكن هذه المرة وصف مبدأين منها يتعلقان بالطريقة الأخرى الكبرى للتكاثر لدى الكائنات الحية، ألا وهي التكاثر «اللاجنسي». يعتمد هذا التكاثر على الانقسام والتكاثر «بالتماثل» لجسم حي. وهكذا فإن خلايا كبد الإنسان أو جلده، التي تنقسم لتوليد خليتين متماثلتين، تقوم بذلك بطريقة لا جنسية. ولكن الظاهرة أعم بكثير وتنتشر بصورة خاصة في عالم الكائنات الحية. ومن مظاهر التكاثر اللاجنسي: التعقيل في النباتات أو تولد دودتي أرض عبر انقسام دودة واحدة أصلية. وبالأساس تنفصل بعد ذلك الكيانات المولودة بهذه الطريقة لتعيش حياة مستقلة، ولكن توجد استثناءات.
إذا لم تنفصل هذه الكيانات وظلت متجمعة (أو متجاورة) فهي قد تشكل طبقة علوية. ودون الخوض في التفاصيل،
1
فعن طريق ترك الخلايا متجاورة، سيتشكل جسم متعدد الخلايا، وعن طريق ترك الأجسام المتعددة الخلايا متجاورة مثل البوليبات، ستتشكل مجموعات من البوليبات مثل تلك التي تنمو على الصخور المرجانية الكبيرة. وبمجاورة الديدان لدائرة حلقية واحدة، ستتشكل مجموعات حلقية من الديدان على غرار الديدان الموجودة بحدائقنا. وبمجاورة أفراد مع عصافير أو ثدييات، ستشكل تجمعات (تسمى حشودا). وفي هذه الحالات كافة، سوف تؤدي مجاورة هياكل متماثلة إلى تكوين هيكل من الطبقة العلوية. وبعد هذه المجاورة للكيانات المتماثلة سنشهد في أغلب الأحيان ظاهرة ثانية في عالم الكائنات الحية يطلق عليها اسم «التكامل»: تكف الهياكل المتجاورة عن تماثلها لتتخصص كل منها في وظيفة تختلف عن الأخرى. وستكتسب الخلايا مهام مختلفة لتشكل كائنا متعدد الخلايا بأعضاء مختلفة، وستظهر أجسام معقدة مكونة من بوليبات تقوم بمهام مختلفة: الطفو والدفاع والتغذية والتكاثر. ومقارنة بديدان الأرض الموجودة بحدائقنا، تصبح الحيوانات المتكاملة نحلا أو أخطبوطا أو ... إنسانا. وحتى لو كانت هذه الحيوانات تحتفظ أحيانا في أجسامها بآثار مجاورة الهياكل المماثلة لسلفها؛ فإن معدة النحلة مقسمة مثل جسم سلفها الحلقي، ويحتوي جسم الإنسان بالطريقة ذاتها على تقسيمات الضلوع والفقرات العظمية. وإذا تكاملت في النهاية «الحشود» المكونة من أفراد متماثلين فسنحصل على مجتمعات معقدة مثل مجتمعات النحل أو البشر التي يضطلع فيها الأفراد بأدوار مختلفة فيما بينهم.
ودون الخوض في تفاصيل هذه النقطة، نلاحظ إذن أن التطبيق المتكرر لمبدأي الجمع الكبيرين خلال تاريخ الأحياء (تجاور عناصر متماثلة ثم تكاملها بحيث تصبح هذه العناصر مختلفة فيما بينها) يسمح للعالم الحي بتشكيل طبقات متداخلة على مراحل، وهو ما يعد إحدى خصائص تعقيد الكائن الحي كما رأينا. وفي هذا الصدد، تعد صورة الفسيفساء موضحة للفكرة؛ فعلى غرار الفسيفساء بالمعنى الفني للكلمة، تعتبر الكائنات الحية طبقات متداخلة وتمنح كل طبقة للطبقات الأسفل منها استقلالية في العمل. وكما يحدث في الفسيفساء، تمنح الصورة الكبرى لونها وشكلها وبريقها للتربيعات الرخامية التي تتكون منها.
في المجمل يعد المبدأ التنظيمي لتعقيد الكائنات الحية بنية «من الفسيفساء» ناتجة عن طفرتين للتكاثر اللاجنسي، ألا وهما تجاور الكيانات المتماثلة ثم تكاملها. ويمكن إذن أن ينطبق غربال الاصطفاء الطبيعي على هذه الكائنات المعقدة إلى حد ما والمكونة بهذه الطريقة، وذلك لكي لا يبقى منها إلا الأكثر تكيفا. (1-3) أين الإنسان من كل ذلك؟
خضع الإنسان على غرار نظرائه من الحيوانات إلى عمليات تجاور وتكامل واصطفاء طبيعي. وفي هذا الشأن وفيما يتعلق بجسده المعقد فهو لا يختلف بصورة جوهرية عن نظرائه قريبي الشبه به مثل الشمبانزي أو بعيدي الشبه عنه مثل الأخطبوط. ولكنه يتميز بامتلاك عقل قوي بصورة خاصة، ولا يوجد مقياس عام لأداء هذا العقل حتى مع نظرائه الأكثر قربا منه. ويبلغ التعقيد في هذا العقل البشري ذروته الذهنية التي يستطيع الإنسان وحده أن يصل إليها على هذا الكوكب والتي تجعل منه حيوانا «فريدا من نوعه». إلا أنه من الممتع ملاحظة أننا قد نجد في نشاط العقل الإنساني فائق القوة (فكره) مبادئ التعقيد ذاتها الموجودة بتشريح الحيوانات. وهكذا تعتبر ذاكرتنا التي تبدو لنا موحدة مجموعة متجاورة وضعيفة التكامل من الذاكرات المختلفة، اكتسبتها الحيوانات السالفة لنا خلال التطور (انظر الفصل الثاني). وكذا وعينا (انظر الفصل السابع) وحديثنا،
2
وهما مقدرتان تجعلان من العقل البشري بنية معقدة بصورة خاصة. (2) تعقد التقنيات وتركيبها الطبقي
على غرار الكائنات الحية، تكون التقنيات على هيئة طبقات متداخلة؛ فعادة ما تتكون التقنية من مكونات تقنية أولية: نابض الاتزان والتروس في الساعة، ومكونات الدائرة الإلكترونية، وأجزاء برنامج الكمبيوتر، والتي تتقسم هي الأخرى إلى عناصر أساسية بصورة أكبر. ومن الأصح أن نعتبر أن التقنيات مرتبة على هيئة نظم تقيم بداخلها العديد من علاقات الترابط، بما في ذلك تبادل الطاقة (أجهزة موصلة بشبكة الكهرباء أو مزودة ببطارية) وتبادل المعلومات (شبكات الأجهزة الموصلة بعضها ببعض، وجهاز مشغل الوسائط). وسوف نتطرق إلى البيئات التقنية حتى لو كان هذا المصطلح يعد بلا شك إساءة استعمال للغة. وبداية من الترتيب السلس في بيئة ما وحتى التكامل المنتقى بداخل الجهاز نفسه، يمكن إذن توحيد عمل الأجهزة التقنية إلى حد ما بداخل النظام ذاته. (2-1) التطور التقني يتم أيضا عبر التجاور والتكامل
Bilinmeyen sayfa