وَكَانَ اهتمام جُمْهُور الروَاة عِنْد الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى برؤوس الْمعَانِي دون الاعتبارات الَّتِي يعرفهَا المتعمقون من أهل الْعَرَبيَّة فاستدلالهم بِنَحْوِ الْفَاء وَالْوَاو وَتَقْدِيم كلمة وتأخيرها وَنَحْو ذَلِك من التعمق وَكَثِيرًا مَا يعبر الرَّاوِي الآخر عَن تِلْكَ الْقِصَّة فَيَأْتِي مَكَان ذَلِك الْحَرْف بِحرف آخر وَالْحق أَن كل مَا يَأْتِي بِهِ الرَّاوِي فَظَاهره أَنه كَلَام النَّبِي ﷺ فَإِن ظهر حَدِيث آخر أَو دَلِيل آخر وَجب الْمصير إِلَيْهِ
وَلَا يَنْبَغِي لمخرج أَن يخرج قولا لَا يفِيدهُ نفس كَلَام أَصْحَابه وَلَا يفهمهُ من أهل الْعرف وَالْعُلَمَاء باللغة وَيكون بِنَاء على تَخْرِيج منَاط أَو حمل نَظِير الْمَسْأَلَة عَلَيْهَا مِمَّا يخْتَلف فِيهِ أهل الْوُجُوه وتتعارض الآراء وَلَو أَن أَصْحَابه سئلوا عَن تِلْكَ الْمَسْأَلَة رُبمَا لم يحملوا النظير على النظير لمَانع وَرُبمَا ذكرُوا عِلّة غير مَا خرجه هُوَ وَإِنَّمَا جَازَ التَّخْرِيج لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة من تَقْلِيد الْمُجْتَهد وَلَا يتم إِلَّا فِيمَا يفهم من كَلَامه
وَلَا يَنْبَغِي أَن يرد حَدِيثا أَو أثرا تطابق عَلَيْهِ كَلَام الْقَوْم لقاعدة استخرجها هُوَ أَو أَصْحَابه كرد حَدِيث المصراه وكإسقاط سهم ذَوي الْقُرْبَى فان رِعَايَة الحَدِيث أوجب من رِعَايَة تِلْكَ الْقَاعِدَة المخرجة وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى أَشَارَ الشَّافِعِي حَيْثُ قَالَ مهما قلت من قَول أَو أصلت من أصل فبلغكم عَن رَسُول الله ﷺ خلاف مَا قلت فَالْقَوْل مَا قَالَه ﷺ
1 / 63