Osmanlı İnkılabı

Curci Zeydan d. 1331 AH
67

Osmanlı İnkılabı

الانقلاب العثماني

Türler

قضى عبد الحميد بقية ذلك اليوم كأنه على الجمر من شدة قلقه في انتظار رامز وأوراقه، وفي صباح اليوم التالي لم يعلم عبد الحميد كيف يستحم ويبدل ثيابه ولا كيف يتناول الفطور من قلق الانتظار، وظل يتنقل من غرفة إلى غرفة وقد نسي القادين ج ونادر أغا وما كان من أمرهما.

وبينما هو واقف أمام خزانة الأسلحة يتأمل ما فيها من المسدسات والخناجر إذ سمع صرير الباب، فمشى نحو قاعة الاستقبال وهو يتجلد ويخفي لهفته، فرأى الحاجب داخلا ومعه محفظة كبيرة مختومة، علم السلطان حالا أنها محفظة رامز، فأشار إليه أن يضعها على المنضدة ويستدعي السر خفية. ولم يكد يقعد حتى كان السر خفية أمامه، فأومأ إليه أن يقعد، وأخذ في فض المحفظة وإخراج ما فيها من الأوراق والظروف، وبينها خطابات ومراسلات بالتركية والفرنساوية، وبعضها بالأرقام السرية (الشفرة).

وقضيا ساعة استغرقا خلالها في القراءة صامتين، ثم قطع السلطان حبل السكوت بأن سعل ومد يده بورقة إلى السر خفية وقال: «اقرأ هذا جيدا.»

فقرأها وأعاد قراءتها ثم قال: «يظهر أن الملاعين ماضون في سعيهم الشيطاني، ويعملون على بث تلك الروح الخبيثة في أنحاء مقدونية يجمعون بين عناصرها ومذاهبها.»

فتكلف السلطان الابتسام وقال: «إنهم يطلبون مستحيلا إذ يريدون أن يجمعوا النصارى والمسلمين ليتحدوا علي، خاب فألهم كيف يجمعون بين البلغاري والصربي والمقدوني والتركي والعربي وقد فرقنا بينهم ومزقنا جامعتهم تمزيقا؟!»

وكان السر خفية في أثناء ذلك يقلب الأوراق، فوقع نظره على عريضة كبيرة باللغة الفرنسية فأخذ يقرؤها والسلطان ينظر إليه فرأى وجهه يتغير فبادره قائلا: «ماذا تقرأ؟»

قال: «هذه يا سيدي صورة مذكرة مقدمة من تلك الجمعية الشيطانية إلى وكلاء الدول!»

فبغت السلطان وقال: «إلى وكلاء الدول؟! أبلغت قحتهم إلى هذا الحد؟ ما شأن الدول في هذا الأمر؟ لا يجوز للدول أن تتعرض لأوامري في مملكتي. وهب أنها تستطيع ذلك فإنها لا تفعل، وما أظنها تعبأ بأقوال أولئك الأغرار المتشردين. ماذا يقولون لهم في هذه المذكرة؟»

قال: «إنهم يقولون كثيرا، ولكن ما الفائدة والدول لا تعبأ بأقوالهم بعد أن رأت فشلهم مرارا، وهذه جرائد فرنسا قد دافعت عن الذات الشاهانية وبينت للملأ أن الذين يسمون أنفسهم أحرارا قوم خوارج يباعون بدريهمات قليلة؟»

ثم جعل السر خفية يترجم له بعض الفقرات المهمة، من ذلك قولهم يخاطبون الدول: «إن المرض المستولي على بلاد العرب أو طرابلس الغرب هو عين المرض المستولي على مقدونيا، فكل الأقوام المؤلفة من الترك والعرب والألبانيين والجركس والكرد والأرمن والفلاخ واليهود والصرب والروم والبلغار ممن يشملهم الحكم العثماني؛ يكابدون تلك المشاق ويئنون تحت تلك المظالم. فليس بمقدونيا ولا بأي ولاية من الولايات العثمانية نوعان من الناس أحدهما ممتاز والآخر مظلوم، كلنا بلا استثناء مشتركون في الظلامة، كلنا رازح تحت استبداد واحد.»

Bilinmeyen sayfa