تقدمة الكتاب
كلمة لمعرب الكتاب
ترجمة الفيلسوف تولستوي
مقدمة المؤلف
مختصر الأناجيل أو تلخيصها
الإنجيل
تمهيد
1 - ابن الله (أبانا) (الإنسان - ابن الله - ضعيف بالجسد قوي بالروح)
2 - «ولذلك يتحتم على الإنسان ألا يشتغل للجسد بل للروح» (الذي في السموات)
3 - «من روح الآب صدرت حياة جميع الناس» (ليتقدس اسمك)
Bilinmeyen sayfa
4 - «ملكوت الله» (ولذا فإن مشيئة الله هي حياة وخير للناس) (ليأت ملكوتك)
5 - «الحياة الحقيقية» (إتمام إرادة الآب يؤدي إلى الحياة الحقيقية) (لتكن مشيئتك)
6 - الحياة الكاذبة
7 - أنا والآب واحد
8 - الحياة ليست محصورة في وقت
9 - العثرات
10 - محاربة العثرات
11 - حديث الوداع
12 - استظهار الروح على الجسد
تقدمة الكتاب
Bilinmeyen sayfa
كلمة لمعرب الكتاب
ترجمة الفيلسوف تولستوي
مقدمة المؤلف
مختصر الأناجيل أو تلخيصها
الإنجيل
تمهيد
1 - ابن الله (أبانا) (الإنسان - ابن الله - ضعيف بالجسد قوي بالروح)
2 - «ولذلك يتحتم على الإنسان ألا يشتغل للجسد بل للروح» (الذي في السموات)
3 - «من روح الآب صدرت حياة جميع الناس» (ليتقدس اسمك)
4 - «ملكوت الله» (ولذا فإن مشيئة الله هي حياة وخير للناس) (ليأت ملكوتك)
Bilinmeyen sayfa
5 - «الحياة الحقيقية» (إتمام إرادة الآب يؤدي إلى الحياة الحقيقية) (لتكن مشيئتك)
6 - الحياة الكاذبة
7 - أنا والآب واحد
8 - الحياة ليست محصورة في وقت
9 - العثرات
10 - محاربة العثرات
11 - حديث الوداع
12 - استظهار الروح على الجسد
إنجيل تولستوي وديانته
إنجيل تولستوي وديانته
Bilinmeyen sayfa
تأليف
ليو تولستوي
ترجمة
سليم قبعين
تقدمة الكتاب
ينبوع الفضل ورب الذكاء والنبل صاحب العزة محمد بك زين العابدين الأفخم
هذا - أيدك الله - سفر جليل الفائدة، من بنات أفكار الفيلسوف الطائر الصيت، نابغة فلاسفة العصر، الكونت لاون تولستوي، أبرزه في ثوب العلم والحكمة إلى عالم الوجود؛ فتناقلته الأمم الغربية إلى سائر لغاتها، فكشفت بأسراره عما رسخ في الأذهان من أصول الخرافات والأباطيل منذ أجيال طوال.
وقد أردت أن أخدم به أبناء اللغة العربية؛ فقضيت من نفيس العمر شيئا ليس بالقليل، ملتزما في التعريب أصل ما فكر الفيلسوف دون زيادة ولا نقص، فجاء في العربية كما أنزل من سماء تلك الحكمة الروسية.
ولما كنت غراس نعمة أياديك بما طالما طوقتني به من النعم؛ رأيت أن أرفع هذا الكتاب لسدتكم الشريفة؛ لعلي أقوم في ذلك ببعض الواجب راجيا أن ينال من فضلكم قبولا، ويصادف استحسانا يكون لي أكبر مشجع على انتهاج سبيل الخدمة العامة، أدامكم الله ذخرا للآداب ونصيرا لأبنائها.
المخلص
Bilinmeyen sayfa
سليم قبعين
الكونت لاون تولستوي، فيلسوف الروس العظيم.
كلمة لمعرب الكتاب
نبغ الفيلسوف تولستوي من أمة الروس، وفي بلاد اشتهرت بالحجر على الأفكار وتشديد المراقبة على المطبوعات. ولقد أعجب هذا الفيلسوف العالم بما فاض عليه من أسرار الحكمة وما ابتكره من فنون المعارف، وأوجده من أسباب الحقائق التي أماط عنها النقاب في كل ما يتناول فيه البحث من المواضيع النافعة، مما شهد له فيه بنقد النظر وجلاء الخاطر جميع علماء أوروبا وحكمائها. وقد اجتمع في العام الماضي أئمة فلاسفة الألمان، وقر رأيهم بأن تولستوي هو أكبر فيلسوف خلقه القرن العشرون. ومن جملة ما وضعه هذا الفيلسوف من المؤلفات الأدبية الشهيرة التي ترجمت إلى سائر اللغات الحية: كتاب يبحث في أسباب فساد المرأة والهيئة الاجتماعية، أطلق عليه اسم «نغم كريتسر». وقد التزم طبعه أحد الأمريكيين باللغة الإنكليزية سبع مرات في نحو خمسة أشهر، وكان يطبع في كل مرة 5000 نسخة، فلما رأى الأرباح الطائلة التي عادت عليه بسبب طبع هذا الكتاب؛ طلب إلى الفيلسوف يرجوه أن يضع له كتابا ثانيا من نوع الأول، ويتعهد له بدفع سبعة ريالات أمريكية عن كل كلمة، فأبى عليه الفيلسوف ذلك بدعوى أنه يخص عمله بخدمة الجمهور ولا يقصد به ربحا.
أما الشيء الخطير الذي أتاه تولستوي، فانقلبت من أجله روسيا ظهرا لبطن: تخطيئه الكنيسة المسيحية في أكثر أمورها؛ إذ أنكر عليها عقائدها بدعوى أنها من أوضاع البشر، وتخالف أحكام الإنجيل مخالفة صريحة؛ فأثرت أقواله في عقول متنوري روسيا، وحلقت بها الصحف في سماء العالم الأوروبي، حتى اجتمع بسبب ذلك المجمع المقدس في عاصمة الروس برئاسة السيد أنطوني رئيس المجمع المقدس ومطران بطرسبرج، وحرم ذلك الفيلسوف، وعده كاذبا في دعوته مفتريا على الكنيسة، وكان لذلك أسوأ وقع في نفوس الطلبة والطالبات، وقاموا بعمل مظاهرات في الكنائس والشوارع، وكاد يفضي الأمر إلى ثورة داخلية لولا أن أخذت الحكومة الروسية بالحكمة في تهدئة الخواطر وتسكين الاضطراب. وقد وضع الفيلسوف تولستوي كتبا لاحظ فيها على نقط الخطأ في كثير من مواضع ترجمة الإنجيل، واعتبر الأناجيل الأربعة مشاكلة لبعضها البعض، فوحدها في كتاب واحد سماه: «إنجيل تولستوي» كان له شأن يذكر فيما بين علماء الدين وأرباب الفطنة وأصحاب المدارك السامية في أوروبا، فنقلته كل أمة إلى لغتها واشتغلت بأمره. وقد أردنا أن نخدم قراء اللغة العربية إجابة للذين داوموا إلينا الطلب أن نعربه، فأقدمنا على ذلك، وليس في عملنا مظنة لبعض الذين يسارعون إلى القضاء على الأمر دون الاستبصار بتمحيصه والتماس صوابه من خطئه. فنحن إن عربنا هذا الكتاب. فليس الدافع لنا إلى ذلك تآلف المذاهب أو تعارف العقائد، وإنما نحن ننقل إلى أبناء اللغة العربية مكتوبا جليل الفائدة ثمين القيمة بالنسبة لنصيبه لدى المشتغلين بأمر البحث في أصول الأديان والمنقبين عن علل العقائد الدينية، ولأن الكتاب في وضعه إن لم يكن حكمة نطق بها صاحبها فهو جوهرة انفصلت من أشعة فكر الفيلسوف الذي أحسن ما ينعت به: أنه لا يضن على الناس بما في ضميره، فبسط لهم قلبه كتابا يقرءونه، ويتحسسون بأبصارهم وبصائرهم من مواضيعه ومواضعه ما يشاءون.
ترجمة الفيلسوف تولستوي
ولد الفيلسوف تولستوي نابغة الروس في 28 أغسطس عام 1828 في قرية ياسنايا بوليانا من أعمال ولاية تولا في أملاك والدته.
وكان والده نقولا تولستوي أحد معاوني قواد الجنود الروسية المحالين على المعاش، وقد اشترك في وقائع حرب سنتي 1812 و1813، وهو ابن إيليا بن أندراوس بن حنا بن الكونت بطرس تولستوي من أكبر معضدي القيصر بطرس الأكبر؛ وأما والدته فكانت ابنة الأمير نقولا سرجيوس، وعلى ذلك يكون الفيلسوف عريقا في النسب من جهة أبويه.
ولقد توفيت والدته عام 1830 قبل بلوغه العامين، وعام 1837 توفي والده فجأة في مدينة «موسكو» على إثر إصابته بخسائر مالية فادحة، وعند احتضاره أقام وصية على أولاده نقولا وسرجيوس وديمتري وليون وماري إحدى قريبات عائلتهم السيدة يوشكوفا، فرحلت بهم إلى «موسكو» وعهدت أمر تربيتهم إلى أساتذة نمساويين وفرنسيين، وعام 1841 نزحت بأسرة تولستوي إلى كازان، وعام 1843 دخل صاحب الترجمة كلية كازان وانتظم في صف اللغات الشرقية؛ فأقام فيها سنتين ثم رحل عنها مع إخوته إلى قرية ياسنايا بوليانا مسقط رأسه، ولبث فيها مدة ثماني سنوات متوالية كان يشخص فيها أحيانا إلى «موسكو» وبطرسبرج.
وعام 1851 زاره شقيقه الأكبر نقولا الذي كان ضابطا في جيش القوقاز، ومكث عنده مدة إجازته العسكرية، وعند عودته إلى فرقته صحبه معه إلى تلك البلاد الفيحاء، وحبا في عدم مفارقة شقيقه انتظم وقتئذ في الجندية في نفس طابور أخيه. وابتدأ في هذه البلاد يزهر رياحين علمه، فكتب رواية المهرب «نابيغ» التي أحسن فيها وصف بلاد القوقاز ومعيشة أهلها، ثم رواية «القوزاق» ورواية الفتوة والصبوة والشبيبة، ووضع غيرها من الكتب المفيدة.
Bilinmeyen sayfa
وعام 1853 أي في ابتداء الحرب الشرقية؛ نقل صاحب الترجمة إلى صفوف جنود الطونا وانضم إلى فيلق القائد غورتشا كوف الشهير، ثم انضم إلى حامية «سيفاستوبل» واشترك بمعركة سنة 1855، وكذلك شهد ضرب «سيفاستوبل» من الجنود المتحدة، وفي أثناء هذه المعمعة المخيفة والأحوال المزعجة انتدب بصفة كونه معتمدا إلى جلالة القيصر نقولا الأول حاملا إليه أوامر سياسية مهمة.
وبين عامي 1853 و1855 وضع رواية «سيفاستوبل» ثم رواية «روبكاليسا» (قطع الغابة) وعام 1855 استقال من الخدمة العسكرية، وأخذ من ذلك الحين يقضي الشتاء في «موسكو» و«بطرسبرج» والصيف في قرية «ياسناسا بوليانا»، وقد أنشأ في هذه الأثناء عدة تآليف مهمة، وعام 1861 جاب بعض أنحاء أوروبا ثم عاد فاستوطن قريته، وجرد نفسه لخدمة الأمة مبشرا بالسلام والخير والفضيلة.
ثم أصدر مجلة تهذيبية أطلق عليها اسم بلدته، وجعل ينشر فيها المقالات الأخلاقية بقصد تربية الأهالي وتثقيف عقول أبنائهم.
ثم أنشأ الفيلسوف في بلدته مدرسة وطنية كان ينفق عليها من جيبه الخاص، ويعلم فيها بنفسه أبناء الفلاحين، ويبث فيهم روحا جديدا، فأحدثت تلك المدرسة شهرة فائقة دوى صداها في جميع أنحاء روسيا، وأخذ يتقاطر إليها كثيرون من شبان بطرسبرج المتخرجين في كلياتها؛ ليلقوا فيها دروسا بلا مقابل، تحت مراقبة الفيلسوف، وإنما كانوا يفعلون ذلك ليقتبسوا من معارفه السامية ويغترفوا من بحار فلسفته شرابا عذبا خاليا من شوائب الأكدار، فاجتمعوا حوله واستظلوا بلواء علمه وفلسفته.
وعام 1862 تزوج الفيلسوف من الآنسة صوفيا كريمة الدكتور بيرس، وفي أواخر سنة ستين وضع روايته الشهيرة «الحرب والسلام»، وجعل مدار البحث فيها على فساد عيشة المترفين وحرب سنة 1812، وفي السنة السبعين كتب رواية أخرى سماها: «حنة كاريننا»، وقد أخذت هاتان الروايتان في عموم أوروبا أدوارا مهمة، فعربت إلى جميع لغاتها، وقد اطلع الفيلسوف على فلسفة الفيلسوف الإنكليزي الاشتراكي المستر هربرت سنبسر بشأن توزيع الأراضي على الأفراد بالسواء أولى من استقلال نفر قليل بها، فوافقه على رأيه وعمل به، فإنه وزع جميع أملاكه الواسعة على فلاحيه وأبقى له ولعائلته مساحة من الأرض تقوم بحاجاتهم، ثم إنه يحرث الأرض بنفسه ويزرعها.
وقد كتب هذا الفيلسوف في مواضيع جليلة وكتب في الدين، فكتب بشأنه ما يخالف عقائد الكنيسة المسيحية وخطأها، فأثار عليه ذلك أحقاد رجال الدين في روسيا، والتأم أعضاء المجمع المقدس في 20 فبراير عام 1901 وقضوا عليه بالحرمان من الكنيسة كذي بدعة أو ضلالة، فكان لذلك الفعل تأثير شديد في جميع أنحاء روسيا، وكاد يفضي الأمر إلى ثورة داخلية كما أشرنا إلى ذلك قبلا، وقد رد على حكم المجمع ردا مطولا ثبت فيه إيمانه وخطأ الكنيسة في تعاليمها، فقال إنها بهتان ظاهر وعقائدها ليست إلا مجموعة خرافات منبوذة، واختلاق محكم الوضع قد غشي على جوهر تعاليم المسيح، ثم أنكر ألوهية المسيح وولادته من غير أب، وأنكر الاعتقاد بالتثليث، وقال: «إني أومن بإله واحد هو إله روح ومحبة وأصل كل موجود، وأومن بأنه في وأنا فيه، وأن شريعته سمحاء واضحة في تعليم المسيح الإنسان الذي لا أعتقد به إلها، وإني أعتبر الصلاة له تهكما عليه، ثم أعترف بأن سعادة الإنسان الحقيقية تحصل بوفور إرادة الله في الناس، فيحبون بعضهم بعضا ويفعلون مع غيرهم ما يريدون أن يفعل الناس بهم.»
إن الفيلسوف على جانب عظيم من الجراءة في طلب الحق لم يساوه فيه أحد في العالم، فإنه كتب كثيرا إلى القيصر يعترض على حالة الحكومة وسيرها وذمها بسبب تعذيبها الأهالي في سجون سيبيريا المظلمة وجزيرة سخالين القفراء الجرداء.
وتولستوي لم يزل حيا يرزق مقيما في بلدته، يضع المؤلفات المفيدة، وقد زاره كثيرون من علماء الأمريكان والإنجليز والألمان وحادثوه طويلا في الشئون الاجتماعية، فكان يقيم لهم أسد الحجج ويفيض عليهم من بحار مداركه، فيخرجون من لديه معجبين بما أوتيه هذا الرجل من الحكمة البالغة.
مقدمة المؤلف
لقد سئمت عيش الحياة بعد أن أنكرت على الكنيسة عقائدها، وإذ ساورتني عوامل اليأس ضربت ببصري في جمهور الناس لألتمس من بينهم من يقاسمني هذا القنوط، فأداني البحث إلى أن جميعهم عائشون بالإيمان، وحيث رأيت إلى من يحدق بي من السواد الأعظم وجدتهم مؤمنين، وقد انتزعوا من ذلك الإيمان نظاما لهم، ومنه كونوا منهجا يستنهجونه إلى خاتمة أنفاسهم، غير أني لم أتحسس بعقلي ما أستدل به على صحة هذا النظام؛ فاستعقبت حال هؤلاء المؤمنين في سبيل الحياة الدنيا؛ فجعلت أكثر من مخالطتهم، وأجاريهم في تأدية عبادة الله الكمالية، ولكن كنت لا أزداد في التقرب منهم على تلك العبادة إلا تنازعني عاملان متخالفان، فمن جهة: قد ظهر لي أن هذه الحياة لا يبيدها الموت ولا يفنيها الفناء، ومن جهة ثانية: قد استوثقت مما في هذا الإيمان، وتلك العبادة من المين والبهتان، وإني لا أثق بأن في قدرة الشعب استدراك ذلك، إما لأميته أو قصور إدراكه أو ميله عن البحث في الوصول إلى الحقيقة، غير أني أكبرت السكوت عن ذلك خيفة استفحال أمر هذه المفتريات، وقد شاركني في ذلك جماعة من الذين استنارت عقولهم؛ فلجأت إلى التنقيب عن أصل فساد هذه التعاليم وتمحيص الحقيقة في ذلك.
Bilinmeyen sayfa
ولما كنت لا أنكر على تعاليم المسيح تضمنها لنظام الحياة الحقيقية، حدا بي الفكر إلى إجلاء النظر في تلك التعاليم والإحاطة التامة بمنابت أصولها التي تفرعت عنها هاته الفروع، ففي بادئ الأمر استرشدت في ذلك القسوس والرهبان والأساقفة والمطارنة وعلماء اللاهوت، فعجزوا عن إقامة الحجة، وكان فيما يقولون تناقض بين، فلم أر فيهم فكرا قادرا على الحوم حول النقط الجوهرية، ولعل سبب ذلك قلة يقينهم مما به يعتقدون. ثم ظهر لي أن مآخذ عقائدهم هي مؤلفات رجال الكنيسة والكتب الموضوعة في الدين واللاهوت، فلما لم أحصل على ثمرة من مجادلتهم رجعت بنفسي إلى جميع التآليف اللاهوتية، فعلمت بالاستقراء فساد ما تعطيه كنيستنا للشعب من العقائد، وتحققت أن ذلك خداع بين وضلال مبين.
ثم وجدت غالب تعاليم الكنيسة الأورثوذكسية موضوعا غير معقول، ليس فيه شيء يؤثر عن الحياة وماهيتها إلا أنه محصور في تخطئة اعتقادات الطوائف الأخرى من المسيحيين؛ ولذا توجهت بعقلي إلى درس هاته العقائد؛ فألفيتها تشبه من جميع وجوهها تعاليم الكنيسة الأورثوذكسية، والغريب أن هذه تنكر على الطوائف الأخرى عقائدها، كما وأن هذه تنكر عليها ذلك؛ فنشأ من تخالف كل طائفة مع الأخرى تنافر بين أبناء هذه الطوائف، ليس هو في شيء من تعاليم المسيح، وبالجملة: فإن جميع الطوائف مصدقين لعقائد لا تنفع الحياة، ويقضي بفسادها العقل الصحيح، ثم حكمت بعد ذلك بعدم وجود كنيسة مسيحية مطلقا.
إن المسيحيين قد انقسموا إلى طوائف متعددة، وكل منها تعتقد اعتقادا متينا بأنها هي الطائفة المسيحية الحقيقية، وتنكر عقائد الطوائف الأخرى، ثم كل منها تسمي نفسها كنيسة تدعي أنها هي الحقيقية التي ثبتت على الإيمان المسيحي القويم، وأما بقية الطوائف فقد انفصلت وتفرعت منها، والأغرب من ذلك: أن كل طائفة تعتقد بداهة بهذا الاعتقاد دون أن تبحث عن تسمية نفسها بالكنيسة الحقيقية، وهل هي بالفعل أصل الكنائس أو هي فرع منفصل عن الأصل؟ كلا ثم كلا، بل إن أتباعها يدعون هذه الدعوى لأنهم ولدوا فيها؛ ففضلوها على غيرها، ويدافعون عنها ما استطاعوا إلى الدفاع سبيلا، وهم في ذلك لا يفتكرون بأن كل طائفة تدعي دعواها، وتقول عن نفسها ما تقوله هي حرفا بحرف.
ولذلك فلا يستغربن القارئ حكمي بعدم وجود كنيسة واحدة، بل يوافقني على وجود ما ينيف على ألفي كنيسة، وكلها تنكر الحقيقة وتجاهر بهذه العبادة الواردة في دستور جميع الكنائس: «وأومن بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية مسكونية.» ثم تزيد على ذلك قولها: وأن كتب ديننا مقدسة ويسوع المسيح رأس لكنيستنا التي يدبرها الروح القدس، وأنها وحدها فقط خارجة من عند المسيح الإله.
نحن إذا نظرنا إلى أية شجرة نحكم بأن الأغصان من الفروع، والفروع من الجذور، والجذور من الأصول، فلا نقول إن كل الفروع والأغصان متفرعة من الجذر، كما إننا لا نستطيع أن نقول بإن كل فرع وحده دون غيره متفرع من الجذر، بل إنها جميعها متساوية بالتفرع ومن الحماقة أن نفضل أحد الفروع ونخصه بصفات التفضيل على جميع الكنائس، فالحقيقة التي لا مراء فيها هي: أنه يوجد نحو ألف طائفة كل منها تنكر عقائد الأخرى وتلعنها، ولا تعتقد هي إلا بقداسة ذاتها وصحة مبدئها؛ كالكاثوليك واللوثريين والبروتستانت والكلفينيين والشاكرين والمورمون والروم الكاثوليك والمؤمنين الأقدمين والآباء والناكري الآباء والبويكر والبليموث والخصيان ومصارعي الأرواح والسريان واليعاقبة والمورانة والأقباط و... و... إلخ مما لا يستطيع إحصاءه أحد، وكل منها تدعي أن ديانتها هي الحقيقية المقدسة الحالة فيها نعمة الروح القدس، وأما بقية الطوائف ففي ضلال مبين.
مضى على هذه الحال ما ينيف على 1800 سنة، والضلال راسخ في أذهان أتباع هاته الطوائف، ولن يزول عنها أبدا.
إن الناس على العموم يخادعون بعضهم بعضا في الأعمال الدنيوية والتجارية، وقل من منهم يقع في غش أو خداع، مضت 1800 سنة وهذه الملايين الكثيرة عمي على هذا الضلال الديني، سواء كان ذلك في روسيا أو أوروبا، حتى وفي أمريكا أم العجائب والاختراعات الجديدة، كأن جميع الطوائف اتفقت على تلازم الخرافات.
أجل، إني لا أنكر بأن كثيرين من الفلاسفة وذوي الأفكار الحرة من علماء الأجيال السالفة جاهروا بفساد هاته الخرافات والأضاليل الباطلة، وصرحوا على رءوس الأشهاد بأن الديانة المسيحية، وما تفرع عنها من الطوائف، كلها إفساد في إفساد؛ ومن ثم ينبغي وضع ديانة خالصة من أدران المفاسد، فقام هؤلاء الأفاضل بوضع ديانة جديدة ، ولكن لم يتبعهم أحد ولم تجد أقوالهم آذانا مصغية، وظل جميع المسيحيين متمسكين بكنائسهم وعقائدها، فالكاثوليك في الكثلكة، والروم في الأورثوذكسية، واللوثريون في البروتستانتية؛ وقس على ذلك.
فما أغرب هذا الأمر! وما أصعب حله! ثم لماذا لا يترك الخلق هاته التعاليم المضلة؟ فالجواب على ذلك واحد (متفق عليه من جميع العقلاء الأحرار وذوي المدارك السامية الذين نبذوا جميع معتقدات الكنائس المسيحية)، وهو أنه يصعب على الناس ترك تعاليم المسيح، ولكن لماذا ترى أن جميع المؤمنين بتعليم المسيح قد انقسموا إلى طوائف شتى، ويزداد انقسامهم هذا يوما عن يوم؟ ثم كيف لا يستطيعون الاتحاد والإجماع على معتقد واحد؟ فالجواب على ذلك واضح لا يخفى على كل ذي بصيرة نقادة، وهو أن منشأ انقسام المسيحيين التعاليم الموضوعة بواسطة الكنيسة ليس إلا التي تشير إلى أن المسيح هو الواضع لنظام الكنيسة الواحدة الحقيقية التي تعتبر بحسب وجودها وجوهرها كنيسة مقدسة ومعصومة من الخطأ فيما يتحتم عليها من التعاليم التي تلقيها إلى أتباعها؛ إذ لو لم يكن ذلك لما وجد شيء من الانقسام بين المسيحيين.
إن تعليم كل كنيسة مسيحية، أو بعبارة أخرى معتقد كل طائفة، مأخوذ طبعا من تعليم المسيح، فكل تعاليمها إذن من أصل واحد، ونبتت جميعها من حبة واحدة، وإن هذه الحبة يلزم أن تكون مرجع أصول هذه المعتقدات.
Bilinmeyen sayfa
وبناء على ذلك فليس من الضروري لمن يريد فهم تعليم المسيح أن يدرس تاريخ العقائد والأديان، ويطالع كتب الكنيسة الموضوعة، بل عليه أن يلتمسه من مأخذه الحقيقي؛ لأن هذه العقائد قد تفرعت عن ذلك التعليم، والفرع ابن الأصل، واعتقادي أنه ينبغي على المسيحيين أن ينبذوا هاته الفروع التي لا توصلهم إلى ضالتهم المنشودة، ولا يكون ذلك إلا أن يجاذبوا أصول هاته المعتقدات من تلك الحبة التي هي الأصل الأصيل في ذلك.
على أن المسيحيين وجدوا بالنفس من حياة أعمال المسيح، وعاشوا ليحذوا حذوه في أعمال الخير والصلاح اللذين هما مرجع اتحادهم.
وقد قادني إلى الإيمان حب البحث عن معنى الحياة أو إيجاد طريق الحياة، أو بعبارة أخرى: كيف يجب أن أعيش؛ فأجلت الطرف في مجاري حياة المؤمنين بتعليم المسيح، والتصقت بهم التصاقا، فألفيت بين أتباع جميع الطوائف من كاثوليك وبروتستانت وأرثوذكس كثيرين ممن تدل أعمالهم على إيمانهم، ثم درست أخلاق الكثير من أفاضل الطوائف المسيحية، فوجدتهم مجمعين على لزوم الإيمان للحياة، ومتفقين على التمييز بين الخير والشر في الحياة الدنيا.
نعم، إن الطوائف مختلفة بحسب الاعتقاد؛ وإنما الأصل واحد، وعليه فإنه يوجد لدى كل طائفة منهن أثر للأصل الحقيقي الذي أريد أن أدرسه دون زيادة ولا نقصان؛ لأن حقيقة الإيمان ليست في الشروح الموضوعة لتعاليم المسيح التي انشق بسببها المسيحيون إلى ألف طائفة، بل إنها محصورة في نفس تعاليم المسيح الموجودة في الأناجيل؛ ولذا فإني قد عنيت بدرس تلك الأناجيل بإمعان.
أسلفت أن تعاليم الكنيسة لا تنحصر في الإنجيل فقط، بل وفي موضوعات رجالها التي لا تحصى، وما تحتفظ به من التقاليد؛ ومن ثم فقد علم القارئ الكريم من سياق ما مضى من الكلام أني لا أتعرض للبحث في مجموعة تلك التآليف تاركا أمرها للكنيسة.
والأنكى من كل ما تقدم: أن الكنيسة تحرم على أتباعها مطالعة الإنجيل والبحث في قوانينها، وهو تمادي في المغالطة لا يغتفر لجميع الكنائس الآخذة بالتقاليد والتعاليم المتخالفة.
إن الله سبحانه وتعالى قد كشف عن الحقيقة للناس، وأوجد لهم نظامات وقواعد يسيرون بموجبها، ثم إنني أحد هؤلاء المبصرين بالكتاب الذي أعطي للخلق ليفهموه من أنفسهم دون أن يسألوا تفسير معنى من معانيه؛ فإذا كان ما في الكتاب هو كلام الله تعالى، فإنه سبحانه يعرف مقدار قصور عقلي وقلة إدراكي، فكان يلزم أن يكون كلامه سهل المأخذ حتى لا يستعصي على إدراك أوامره وتعاليمه؛ فأذهب في تأويلها كل مذهب، وقد أقع من ذلك في ضلال مبين.
ولذا فإن عدم إباحة الكنيسة لأتباعها مطالعة الإنجيل أولا، وعدم تناول البحث في تآليفها الدينية ثانيا، بدعوى أن ذلك يؤدي بهم إلى تشويش الذهن واضطراب الفكر، قد يوقعهم في الريبة، وهو ادعاء منبوذ ساقط؛ على أنها كانت تظفر بادعائها لو أنها كانت واحدة في تعاليمها وأجمع عليها المسيحيون.
ولا يخفى أن جميع ما تعطيه الكنيسة من التعاليم الخاصة بابن الله، والله وكونه في ثلاثة أقانيم، والعذراء التي ولدت ابنا دون أن تفسد عذارتها، ثم الخاصة بالخبز والخمر اللذين يستحيلان فعلا إلى جسد ودم الله، ويتناولهما المسيحيون على هذا الاعتقاد؛ غير معقول ولا محسوس.
وعدا ما تقدم: فإنه قد دخل على الكنيسة من المعتقدات ما لا حصر له، ولا يمكن أن يقرر منه الإنسان معتقدا واحدا؛ لأنه يتضمن لعقائد متعددة تناقض بعضها بعضا.
Bilinmeyen sayfa
وإن الناس الآن لفي شديد الحاجة إلى كتاب واحد يقول بالاعتقاد في إله واحد، ويجمع الناس في معبد واحد في سائر أقطار الأرض، والناس لا يجمعون انتقاد العقلاء وتنقيب الفلاسفة والعلماء، بل إن هؤلاء يسلمون به فيركبهم سفينة السلام ويرسو بهم في مقر الطمأنينة والهدوء.
وعلى ذلك؛ فإذا احتشدت في كلام الإله الخرافات والتعاليم المستحيلة، فإن العلم ينبذ ذلك كما نبذ تعاليم الآلهة الوثنية الكثيرة، وحاشا لله الحقيقي أن يوحي بشيء غامض فوق عقول البشر.
إن الكنيسة تعتقد بأن الإيمان هو قانون وضع لتسير بحسبه النفس، وتكون بين عوامل التهديد والوعيد إذا هي حادت عن مواده وخالفت نصوصه، والعكس بالعكس.
وأما أنا فأعتقد بأن الإيمان هو الحق الذي تحوم حوله قوة الإدراك لاستجلاء مكنوناته، أو بتعبير آخر: إن الإيمان هو إدراك الوحي الإلهي إدراكا ترسخ صحته في النفس، فيتولد من ذلك الإيمان بالإله الحقيقي.
ثم إني لا أطالع التوراة (العهد القديم) ولا أبحث في أسفارها؛ إذ إنني لا أبحث في ديانة اليهود، بل ما نقوله الآن خاص بالديانة المسيحية التي يدين بها قسم عظيم من سكان المعمور، وكلهم يعتقدون بأنه لا معنى للحياة بدون تلك الديانة، وإنما نرجع إلى بعض مواضع التوراة التي ترشدنا إلى ظهور الديانة المسيحية.
ولذلك لا يلزم الاعتقاد بتلك الديانة التي وجدت من عهد آدم جد البشر الأول حتى يومنا هذا؛ لأن ديانة اليهود قبل المسيح كانت ديانة وقتية مكانية، يجب أن ننظر إليها كما ننظر إلى ديانة البراهمة والبوذيين سواء بسواء، وأما الديانة المسيحية فهي الديانة التي نأخذ بها الآن، وينبغي علينا أن نبحث فيما أتت به بحثا مدققا، وإلا فيكون مثلنا في درس الديانة العبرانية لفهم الديانة المسيحية كمثل من يدرس مادة الشمعة قبل إضاءتها ليدرك من ثم ماهية النور الذي يخرج منها.
والكنيسة قد أخطأت خطأ عظيما باعتبارها كتب العهد القديم كتبا موحى بها من الله، كاعتبارها للإنجيل أو العهد الجديد، وهي إنما تعتقد هذا الاعتقاد بالقول فقط دون الفعل؛ ومن ذلك فقد وقعت بين اعتقادات متخالفة، وأضحى مركزها حرجا لا يمكنها التخلص منه إلا إذا عقلت خطأها وأدركت سقطتها.
وبناء على ما تقدم فإني أنبذ كتب العهد القديم والكتب المقدسة التي حصرتها الكنيسة في سبعة وعشرين كتابا، فدع عنك التقاليد المحفوظة لديها التي لم يمكنها حصرها لا في سبعة وعشرين كتابا ولا في خمسة ولا في 138 كتابا، ولا يجوز حصر الوحي في الصحائف والحروف.
فالقائل مثلا بأن الوحي الإلهي محصور في 185 صحيفة، كالقائل بأن نفس هذا الإنسان تعدل خمسة عشر رطلا، أو أن نور ذلك المصباح يعدل سبعة أكيال.
أما وحي الله فقد هبط على أرواح أفراد من الناس ذوي القوى الفياضة الذين نشروه وعلموه للأمة الموحى به إليها فحفظته، وقام البعض من أفرادها يكتب ما علق بذاكرته من ذلك الوحي، فكتب الآخرون تلك الكتب واعتبروها منزلة موحى بها من الله، وقد حصر بعضهم عدد ما كتب منها، فبلغ ما ينيف على المائة بين إنجيل ورسالة، ولم تعتبرها الكنيسة كلها كتبا منزلة، بل اختارت منها سبعة وعشرين كتابا وأطلقت عليها اسم الكتب القانونية. ولا ندري السر في اختيارها لهذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدسا منزلا دون سواه، مع أن الأشخاص الذين كتبوها هم في نظرها رجال قديسون أتقياء، خدموا المسيحية في بدء ظهورها خدمات جليلة بتبشيرهم في الناس، وجوبهم في طول البلاد وعرضها، واحتمالهم الاضطهاد والأهوال من عبدة الأوثان . ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس سبب هذا التفضيل، فبينت إذ ذاك ما وجدته من الخطأ في الكتب التي لم تعتبرها موحى بها، بل اعتبرتها كتبا تاريخية وضعت لسرد تاريخ الكنيسة وتخليد أعمال رجالها أسوة بكتب تاريخ الأمم والممالك السالفة، وإني على يقين من عجزها عن توضيح ذلك السبب وإظهار الحق من الباطل مما حوته تلك الكتب الكثيرة.
Bilinmeyen sayfa
إن الكنيسة عملت عملا بإتقان وإحكام، ولكنها أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى، واجتهدت عند ذلك التقسيم بأن تؤيد أن ما اختارته من الكتب هو الصحيح المنزل الموحى به من الروح القدس، وكل حكمة واردة فيها هي من السماء لا تحول ولا تزول، ولكنها لو تبصرت قليلا بما فعلت لأدركت بداهة بأنها بعملها هذا أفسدت وأضرت الكتب التي اختارتها؛ فقد أضافت إليها التقاليد المتباينة المعنى المتضاربة المغزى بين بيضاء وصفراء وزرقاء، أعني: أن بعض تلك التقاليد في اعتقادها مفيد وبعضه «ذو تعليم سام»، وقد وضعت عليها كلها ختم العصمة من الخطأ، وبذلك حرمت الكنيسة نفسها الحق في تدقيق النظر بتلك الكتب والتعاليم، وإيضاح غامضها وشرحها وحذف غير الموافق منها؛ الأمر المنوط بها، بل الفرض الملقى على عاتقها، ولكنها ما فعلت شيئا من ذلك، ولن تفعل ما دامت على حالها، بل كل شيء في نظرها مقدس سماوي؛ كالعجائب وأعمال الرسل آراء بولص الرسول بشأن الخطيئة والعقاب والثواب، وهذيان الرسل في رسائلهم، وخرافات يوحنا اللاهوتي في رؤياه.
ولقد مرت 1800 سنة وتلك الكتب لم تزل مطروحة بين أيدينا كما كانت عليه عند وضعها، بما فيها من الخطأ والخشونة والمخالفة لبعضها، وعدم وجود المعنى في كثير من فصولها.
ولو فرضنا أن كل حكمة من كلمات تلك الكتب حقيقة مقدسة، وقد أوضحتها الكنيسة وفسرتها تفسيرا واضحا، وأزالت عن الأذهان تخالف المعاني التي تتبادر لأول وهلة لذهن القارئ، ووجدت بتآويلها معنى لما ليس له معنى؛ غير أن غلطتها الأولى أحرجت مركزها، وأوقعتها في ارتباك واضطراب عظيمين؛ لأنه كان يجب عليها حين اختيارها لتلك الكتب أن تدرسها درسا مدققا، وتحذف منها ما يقود القارئ إلى الانتقاد والشك والارتياب، ثم بعد ذلك تسلمها للمؤمنين بعد أن تقيم الحجة الدامغة على صحة أقوالها وسمو مبانيها، ولكن رجال الكنيسة لم يوجهوا مزيد التفاتهم لهذا الأمر، ولم يجهدوا أنفسهم بالدرس والتنقيب، بل عولوا في كل إجراءاتهم وأعمالهم على الكلام؛ ولذلك اضطروا أن يرفضوا كثيرا من الأسفار وبعض فصول من أعمال الرسل ورسائلهم التي لو طالعها الإنسان بإمعان لما وجد فيها شيئا من روح التعاليم الإلهية، بل هي أقرب إلى الرياء والغش منه إلى التعليم، وعلى ما أظن أن لوقا الإنجيلي أورد ذكر العجائب ليعزز بها الإيمان ويجذب الناس إليه. وكثيرون من الناس حتى عصرنا الحالي يعتقدون بتلك العجائب اعتقادا صحيحا، وتؤثر مطالعتها على أذهانهم وقلوبهم، وتوطد إيمانهم وتعزز معتقدهم. ومن الحماقة وسخف الرأي الاعتقاد بأن العجائب تعزز الإيمان؛ لأنه من الحقائق الثابتة أن الناس يوقدون المصباح في الظلام لينير لهم، ولكن إذا كان النور موجودا فهل من لزوم للمصباح؟! فعجائب المسيح هي بمثابة المصابيح التي توقد في النور لكي تنيره، فما دام النور موجودا فهو يضيء من نفسه وتراه العيون، ولكن إذا أسدل الظلام جلبابه فحينئذ يأتون ليبدد غياهب الظلام وينير للحاضرين.
وإذا طالعنا السبعة والعشرين كتابا الكنائسية، واعترفنا بأنها كلها منزلة مقدسة، فإننا نقع في نفس الخطأ الذي وقعت فيه الكنيسة؛ أعني أنها أنكرت نفسها إنكارا شنيعا؛ ولذلك لا أنصح الناس بالاعتراف بتلك الكتب. وإذا أردنا أن نقرأ الكتب التي تبحث في الدين المسيحي، يجب علينا أولا أن نعرف أيا من السبعة وعشرين كتابا هو المهم المفيد، وإذ ذاك نشرع بدرسه والنظر فيه نظر الناقد الخبير، وبالطبع كل يقول معي إن أهم تلك الكتب هي الأناجيل الأربعة: متى ومرقص ولوقا ويوحنا، وما تقدمها من الكتب لا ننظر إليه إلا كمادة تاريخية لأجل فهم الإنجيل، وما تأخرها ما هو إلا شرح لتعاليمها ومفسرا له؛ ولذلك ينبغي علينا أن نفتش في هذه الكتب الأربعة عن الحقيقة؛ لأنها حسب قول الكنيسة حاوية أهم التعاليم التي قالها المسيح نفسه، وفيها متمثل الوحي الإلهي، ثم يجب علينا أن نبحث عن أصول التعليم الأساسية بدون تطبيقها على ما جاء في بقية الكتب من التعاليم والأقوال، أقول ذلك ليس لأني لا أريد مطالعة تلك الكتب، كلا بل لكيلا أسقط في هذا الضلال والخطأ.
وإني سأبحث في تلك الكتب عما يأتي؛ أولا: أبحث في كل شيء أفهمه وأدركه من تعاليمها؛ لأنه لا يعتقد أحد في الوجود بشيء لا يدركه ولا يفهمه، ومعرفة غير المفهوم لا تفرق في شيء عن عدم المعرفة. ثانيا: عما أجد به جوابا على سؤالي الآتي: من أنا؟ ومن هو الله؟ ثالثا: عن أساس الوحي وماهيته؛ ولذلك فقد عزمت أيضا على مطالعة الأشياء التي أستطيع فهمها وإدراك كنهها مرارا عديدة علني أتوصل بواسطتها إلى بعض الحقيقة. وأنا أقول: إني قد طالعت جميع كتب الكنيسة ودرستها درسا مدققا، وطالعت كتب تفاسيرها وشروحها، وتيقنت بعد ذلك أن تعاليم الكنيسة محصورة في الحقيقة، ونفس الأمر بالأربعة أناجيل فقط، وأن كتب العهد القديم لا تفيد مطالعتها المسيحيين شيئا، بل تزيد الظلام ظلاما، وتوقع القارئ في الشك والريبة؛ لأنها تخالف العهد الجديد على خط مستقيم مخالفة لا تخفى على كل ذي بصيرة وقادة، وأما رسائل يعقوب ويوحنا، فهي تحتوي على تفسير وإيضاح تعاليم المسيح الموجودة في الأربعة أناجيل، ولا يجد فيها القارئ شيئا جديدا مطلقا، ولكن بمزيد الأسف أقول: إن رسائل بولص مشحونة بأقوال فارغة وأباطيل كثيرة تقود القراء إلى لجة عميقة لا يستطيعون الصعود منها، وأما كتاب أعمال الرسل وبقية رسائل بولص، فليس لها أدنى ارتباط بتعليم الإنجيل، بل في كثير من المواضع تخالف نصوصه، وتخالف أقوال رسائل يعقوب ويوحنا.
ولقد طالعت الأربعة أناجيل مطالعة دقيقة باللغة الروسية وسائر اللغات المستعملة، ثم طالعتها باللغة اليونانية التي ترجمت عنها إلى سائر اللغات ترجمة بعيدة عن الحقيقة بعد السماء عن الماء، ثم أجهدت القريحة وعربتها تعريبا دقيقا يطابق المعنى، واستعنت في ذلك بالقواميس المطولة ذات الشروح الضافية، وقد اعتنيت في خلال التعريب بأن أوحد الأربعة أناجيل؛ لأن تعاليمها جميعا متقاربة متفقة، لا تختلف إلا اختلافا طفيفا، وإذا اعترض معترض وقال بلزوم مطالعة وتعريب إنجيل يوحنا على حدة لأنه يتضمن تعاليم لاهوتية سامية المبنى لم ترد في بقية الأناجيل، فأرد ذلك الاعتراض بأني لا أقصد في الترجمة قصر البحث على الحوادث التاريخية واللاهوتية والفلسفية، كلا؛ فإني أوجه التفاتي إلى معنى التعاليم والبحث فيها بحثا مفصلا، وهذا التعليم وارد في الأربعة أناجيل على السواء دون تمييز الواحد عن الآخر، فإذا جميعها مستقاة من الوحي الإلهي كما تقول الكنيسة، ثم إن فكرة توحيد الأناجيل ليست جديدة وليست من مخترعات بنات أفكاري، بل قد سبقني إليها كثيرون وعزموا على ذلك، ولكنهم لم يظهروا عزمهم من حيز القول إلى حيز الفعل، وبعضهم بدأ في العمل ولم يتمه، ومن بين هؤلاء أرنوليدي فيرس وفاوارديس وغريتشوليف وغيرهم.
ولكن جميع أولئك الشارعين كانوا موجهين التفاتهم، وقصدوا في تآليفهم توحيد وقائع الإنجيل التاريخية وتعليمه معا، ولكني أنا أخالفهم في هذا المبدأ، وأضرب صفحا عن الحوادث التاريخية، ولا أبحث بغير التعاليم.
معنى كلمة الإنجيل
أولا:
اصطلح مترجمو الأناجيل على عدم ترجمة لفظة الإنجيل؛ بل استعملوها كما هي بلفظها اليوناني، ولا يقدرون لها معنى آخر سوى أنه يقصد بها أربعة كتب تحتوي على تعاليم المسيح، مع أن لهذه اللفظة معنى خاصا مرتبطا ارتباطا متينا بفحوى تلك الكتب ومحتوياتها.
Bilinmeyen sayfa
وإذا أردنا أن نعرب هذه اللفظة إلى اللغة العربية أو غيرها من اللغات تعريبا حرفيا فيكون معناها البشارة، وهو تعريب فاسد لا يفي بالغرض المقصود ومخالف لمعنى الكلمة. إن لفظة إنجيل باللغة اليونانية مركبة من كلمتين «أيف» ومعناها: جيد، حسن، صلاح، خير، صدق، و«إنجيليون» ومعناها: الإخبار بخبر ما من الأخبار، ويكون تعريب اللفظتين معا الإخبار بالخير أو الخبر الحسن.
ثانيا:
إن الكلمتين «كاتا ماتذيون» تفيدان الأخبار الحسنة التي أخبرها الإنجيليون الأربعة: متى ومرقص ولوقا ويوحنا عن أعمال المسيح، ولكن غير موضحة الطريقة التي كتبوا فيها تلك الأخبار، هل كتبوها بمجرد السماع، أو أملاها عليهم أحد، أو سمعوها من أفواه الناس، أو من نفس المسيح، فإنهم قد أغفلوا هذا الأمر وأهملوه مع أنه في غاية الأهمية المطلوبة عند وضع كتب يعترف بها الملايين من البشر.
ثالثا:
لفظة «خريستوس» أو المسيح معناها الممسوح من الله، وهذه اللفظة مأخوذة من تقاليد اليهود وموافقة لها كل الموافقة، ولكنها غير منطبقة على تأدية المراد من الإخبار بالخير أو التبشير للناس بأقوال حسنة مفيدة لهم.
رابعا:
لفظة ابن الله التي تدعو الكنيسة بها يسوع المسيح وتخصه بهذا النعت دون سواه من الناس، مع أنها في الحقيقة ونفس الأمر مختصة بجميع الناس على السواء، وذلك واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ومصرح به في كثير من مواضع الإنجيل.
ولما كان يسوع المسيح يخاطب الشعب كان يقول: فليضئ نوركم هكذا بين الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات (متى، ص5، عدد 16).
وجاء أيضا في متى، إصحاح 5، عدد 45: «لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات؛ فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين.» وفي لوقا، ص6، عدد 36: «فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم.»
وفي متى، ص6، عدد 1: «احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات.» ومتى، ص6، عدد 4: «لكي تكون صدقتك في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.»
Bilinmeyen sayfa
وفي متى، ص5، عدد 48: «فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل.»
وفي متى، ص6، عدد 6: «وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.»
وفي متى، إصحاح 6، عدد 8: «فلا تتشبهوا بهم؛ لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه.» ومتى، إصحاح 6، عدد 14: «فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي.»
والمسيح نفسه سمي نفسه «ابن الله» من جهة التعميم، كما كان يسمي تلامذته وسائر الناس أبناء الله كما ورد في الآيات السالفة الذكر التي لا تدع شكا في نفس مرتاب. والمسيح نفسه يعتقد بأن الله خلقه كسائر الناس؛ ولذا دعا نفسه ابن الله كما دعاهم أبناء الله سواء بسواء، ولقد اتخذت الكنيسة ذلك حجة لتأييد دعواها على أن المسيح هو ابن حقيقي لله، كما أنني لاون بن نقولا تولستوي! معاذ الله إن هذا إلا ضلال مبين وافتراء على مقام الله الواحد الصمد المنزه عن الشريك.
ورد مثل ذلك في كثير من مواضع الإنجيل؛ مما يدل على أن جميع الناس هم أبناء الله، وقد جاء في إنجيل لوقا بأعظم صراحة أن كل إنسان هو ابن الله، وأن يسوع ليس مختصا بتلك التسمية، بل هو أيضا ابن الله كجميع الناس الذين خلقهم الله دون تمييز ولا حصر.
وعندما أورد لوقا الإنجيلي نسب المسيح ذكره من جهة الأم فقط، فقال: كان يسوع ابن مهللئيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم بن الله ... إلخ (لوقا، ص3، عدد 38).
وهكذا؛ فإن يسوع المسيح ابن الله هو ذلك الرجل الذي بشر الناس بتلك الأخبار الصالحة، وقد دعاه الناس يسوع، ودعي أيضا المسيح؛ أي المختار من الله، وقد دعي أيضا ابن الله.
إن هذا الفصل من الإنجيل يدل على مضمون الكتاب جميعه، فقد قلنا: إن تلك الكتب تتضمن أخبارا مفيدة للبشر؛ ولذلك يجب أن نوجه مزيد التفاتنا إلى مضمون هذا الفصل لكي نستطيع فيما بعد اختيار الأهم وتفضيله على المهم، وبما أن الكتاب كما قدمنا يتضمن أخبار الناس بالخير أو الصلاح؛ ولذلك فتكون تلك الأخبار موضوع بحثنا بقطع النظر عما ورد في الكتاب أيضا من الأخبار التاريخية والعجائب التي لا نهتم بها؛ ولذلك فإنه يمكننا حصر الفصل كله بالجملة الآتية: إن يسوع المسيح المسمى أيضا ابن الله قد أخبر الناس أخبارا مسرة مفيدة.
مختصر الأناجيل أو تلخيصها
إن هذا السفر يتضمن أربعة أمور: (1)
Bilinmeyen sayfa
إيضاح شئون حياتي الشخصية وإظهار أفكاري التي قادتني إلى الاعتقاد بأن تعاليم المسيح تتضمن حقائق صحيحة. (2)
إن الشروح التي علقتها الكنيسة على تعاليم المسيح وشروح الرسل، مع الإضافات التي أدخلها عليها آباء الكنيسة في المجامع كلها هذيان وبهتان وكذب محض واختلاق ظاهر. (3)
وجوب البحث في تعاليم المسيح بما وصل إلينا منها في الأناجيل الأربعة مما هو منسوب إليه فقط، ثم وجوب رفض رسائل الرسل وتفاسير الكنيسة وإضافاتها المختلقة على تعليم المسيح. (4)
إيراد الأدلة القاطعة على أن الكنيسة أفسدت جوهر تعليم المسيح، ثم البحث في نفس تلك التعاليم، مع إيجاد النتيجة التي نجمت عن كرازة المسيح وتبشيره الناس.
ثم إني بعد إمعان الفكر الطويل وإجهاد القريحة وسهر الليالي الطوال في البحث والتنقيب، قد استطعت أن ألخص الأناجيل الأربعة في اثني عشر فصلا مرتبطة ببعضها ارتباط حلقات السلسلة، ضمنتها جميع تعاليم المسيح وروح كلامه.
ويمكننا أن نورد بالإيجاز مضمون التعاليم المسيحية ونذكرها بعدة بنود، وإليك البيان: (1)
إن الإنسان هو ابن الأزلي الذي لا بداية له ولا نهاية، أو بعبارة أخرى: هو ابن الله بالروح وليس بالجسد. (2)
ولذلك يتحتم على الإنسان أن يخدم ذلك الأزلي بالروح فقط. (3)
أصل حياة جميع البشر صادر من عند الله؛ ولذلك فإن هذه الحياة مقدسة طاهرة. (4)
إرادة أب البشر تنحصر في أنه ينبغي على الإنسان أن يخدم جميع الناس؛ لأن حياته وحياتهم مأخوذة من أصل واحد. (5)
Bilinmeyen sayfa
إذا أتم الإنسان إرادة ذلك الآب وخدم الناس خدمة حقيقية فإن حياته إذ ذاك تكون حياة مقدسة. (6)
ولذلك فلا ينبغي على الإنسان أن يهتم كثيرا بإرادته الخاصة والسير على هواها؛ لأن ذلك يناقض مطالب الحياة الحقيقية المقدسة. (7)
إن الحياة الوقتية أو بتعبير آخر الحياة الجسدية، ما هي إلا طعام للحياة الروحية أو مواد مادية لها. (8)
الحياة الحقيقية غير مقيدة بزمان، بل هي حياة في الزمن الحاضر فقط. (9)
إن مشاغب وملاهي الحياة الماضية والآمال الكاذبة في الحياة المستقبلة تقودان الناس إلى الضلال، وتسدلان على عيونهم حجابا كثيفا يحول بينهم وبين القيام بمطالب الحياة الحاضرة المقدسة. (10)
يتحتم على الإنسان أن يحارب غش الحياة الماضية والمستقبلة، ويهدم كل صروح تلك الآمال والأفكار الكاذبة. (11)
إن حياة الإنسان الحقيقية الحاضرة ليست خاصة بشخصه وحده، بل هي في الحقيقة ونفس الأمر مرتبطة بحياة الهيئة الاجتماعية ارتباطا متينا. (12)
ولذلك عندما يكرس الإنسان حياته الحقيقية الحاضرة لخدمة البيئة الاجتماعية المرتبط معها والعائش في وسطها، حينئذ فقط يتحد مع الآب الذي هو أصل هذه الحياة.
إن هذه البنود الاثني عشر ملخص الاثني عشر فصلا التي لخصت بها الأناجيل، ثم أضفت إلى ذلك الصلاة التي علمها المسيح لتلاميذه.
ولما انتهيت من عملي وجدت أن هذه الصلاة مركبة من اثنتي عشرة مادة، يطابق معنى كل واحدة منها مضمون فصل من الفصول التي لخصت بها الأناجيل، فأدهشني ذلك ووقع من نفسي الاستحسان والسرور، وإليك البيان: (1) أبانا.
Bilinmeyen sayfa
الإنسان هو ابن الله. (2) الذي في السموات.
الله هو أصل الحياة الروحية ولا بداية له ولا نهاية. (3) ليتقدس اسمك.
ليتقدس أصل هذه الحياة. (4) ليأتي ملكوتك.
فلينتشر سلطانه بين جميع الناس. (5) لتكن مشيئتك كما في السماء.
فلتتم إرادة ذلك الأزلي أصل الحياة، كما يتمها هو ويريد. (6) كذلك على الأرض.
وبالجسد أيضا. (7) أعطنا خبزنا الجوهري.
الحياة الوقتية هي طعام للحياة الحقيقية. (8) اليوم.
الحياة الحقيقية في الزمن الحاضر فقط. (9) واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه.
فلا تسدل غلطات وضلال الحياة الماضية حجابا على عيوننا، حتى لا نرى الحياة الحاضرة الحقيقية. (10) ولا تدخلنا في التجربة.
ولا تقودنا إلى الضلال والانخداع. (11) لكن نجنا من الشرير.
Bilinmeyen sayfa
وإذ ذاك فلا يكون أثر للشر. (12) لأن لك الملك والقوة والمجد.
بل يكون سلطانك وقوتك وكلمتك.
ثم إني أزيد القارئ إيضاحا، وهو أني وضعت كتابا طويلا في عدة مجلدات، بحثت فيه عن تعليم الإنجيل بحثا مفصلا، وهو لم يزل بين يدي لعدم إمكان طبعه في روسيا، وأما في هذا الكتاب المختصر فلم أستطع التفصيل الوافي لضيق المقام؛ ولذلك لم أبحث كثيرا في المواضيع الآتية: الحبل بيوحنا المعمدان وولادته وسجنه وموته، وولادة المسيح ونسبه وهربه مع والدته إلى مصر، وعجائبه في مدينة قانا الجليل التي حول فيها الماء إلى خمر، ثم عجائبه في كفر ناحوم وطرد الشياطين، ومسيره على الماء، وتيبيس التينة، وشفائه المرضى، وإقامته الأموات، ثم قيامة المسيح. كما أني ضربت صفحا عن نبوات الأنبياء التي طبقتها الكنيسة على حياة المسيح وأعماله، وقد أضربت عن ذكرها؛ لأنها لا تحتوي على شيء من التعليم ولا فائدة من ذكرها لعدم أهميتها؛ لأنه بقطع النظر عن صدقها أو كذبها، فإنها لا تخالف التعليم ولا تؤيده، وإنما الكنيسة توردها كبراهين ساطعة للدلالة على ألوهية المسيح مع أنها ليست في شيء من ذلك، وأن أعظم برهان يدل على حقيقة التعليم هو توحيد التعليم ووضوحه وبساطته وكماله وموافقته لحواس الإنسان الذي يطلب الحقيقة، ثم أوجه التفات القارئ بأن لا يأخذ علي من تكراري ذكر تعليم المسيح أني أعتبر الأناجيل الأربعة كتبا مقدسة؛ فإن ذلك وهم وضلال مبين، وليعلم القارئ أيضا: أن يسوع المسيح لم يكتب مدة حياته كتابا كبلاتون وفيلون أو مارك إفريلي حتى، ولا كان كسقراط الذي كان يلقي تعاليمه على تلاميذه المتنورين ذوي المدارك السامية، كلا كلا، فإن المسيح كان يعلم البسطاء الجهلاء الذين كان يصادفهم في حياته وأهل الوسط الذي كان عائشا فيه، وإنما بعد وفاته بزمن طويل أخذ بعض الناس يذكرون أقواله ووجهوا إليها التفاتهم، وجعلوا يتناقلونها، وبعد مائة عام كتبوا ما سمعوه عنه، وليعلم القارئ أيضا أن ما كتب بهذا الصدد كان لا يحصى له عدد، فقد منها جزء كبير، وما بقي عنها كان في غاية الركاكة، ومما لا يصح الركون إليه والوثوق بصحته، ثم إن المسيحيين جمعوا تلك الكتابات واختاروا منها الأنسب لأذواقهم ومآربهم.
ثم فليعلم القارئ أيضا: أن تعليم المسيح الحقيقي هو مقدس فقط، وأما كثرة الآيات والأسطر والحروف فليست مقدسة، ولا ينبغي أن نعتقد بها لمجرد قول الناس بقداستها.
وليعلم القارئ أيضا: أن الأناجيل التي بين أيدينا الآن ما هي إلا ثمرة أنضجها الزمان بواسطة النقل والإملاء، واشتغال عقول ألوف من البشر بها، وتلاعب أيدي الكثيرين، وليست هي وحي من الروح القدس أوحاه للإنجيليين كما تعتقد الكنيسة.
ثم فليعلم القارئ أيضا: أن الأناجيل لعبت بها أيدي التحريف والنقل والزيادة والنقصان، والأناجيل التي وصلت إلينا في الجيل الرابع كانت مكتوبة بخط سقيم لا ضابط لها يضبط صحتها، وكانت تقرأ في الجيل الخامس على طرق مختلفة، كل طريقة منها تخالف الأخرى، حتى أحصى بعضهم أن عدد الأناجيل المختلفة في طرق القراءة بلغ الخمسين ألفا.
ثم إني أرجو مطالع كتابي هذا أن يعلم بأني لا أنظر إلى الأناجيل ككتب مقدسة منزلة علينا من السماء بواسطة وحي الروح القدس، كما أني لا أنظر إليها كتاريخ يتضمن آداب الدين، وكذلك أوجه التفات القارئ ألا ينظر إليها كما تنظرها الكنيسة ورجال العصر المتنورون الذين يعتبرونها بمثابة تاريخ ديني ليس إلا، وإني لا أعتقد بالديانة المسيحية أنها وحي إلهي، ولا بأنها تاريخ، كلا كلا، بل أعتقد بأنها تعليم يكشف للبشر عن ماهية الحياة ومعناها، والأمر الذي قادني إلى اتباع تعليم المسيح هو أني لما بلغت الخمسين سنة سألت فلاسفة الوسط المقيم به أن يرشدوني إلى ماهية حياتي، ومن أنا؛ فأجابوني: إنك شخص مركب من أعضاء عديدة ولا يوجد معنى لوجودك وحياتك، وإن الحياة كلها مملوءة شرا، فوقع جوابهم على رأسي كالصاعقة سقطت على أثره في حضيض اليأس وعزمت على الانتحار، ولكني ثبت إلى الرشد عندما تذكرت أني لما كنت غلاما مؤمنا كنت أشعر بمعنى الحياة، ثم تذكرت أن السواد الأعظم من الناس البسطاء الذين لم تفسد أخلاقهم الثروة مؤمنين، وأنهم عائشون عيشة حقيقية؛ فشككت في صحة جواب الفلاسفة، وأخذت أبحث عن الجواب الذي تجيب به الديانة المسيحية المؤمنين العائشين في ظلها، وللوقوف على ذلك شرعت بدرس الديانة المسيحية درسا مدققا، فأخذت أطالع بإمعان وروية الأناجيل الأربعة، وما تضمنته من التعاليم، فوقفت فيها على إيضاح المعنى الذي يرشد المؤمنين إلى الحياة الحقيقية، غير أني في أثناء استقائي من ذلك الينبوع العذب وجدت فيه أقذارا كثيرة عكرت صفاء مائه، ووجدت إلى جانب تلك التعاليم تعاليم أخرى غير مطابقة له، بل هي تخالفه على خط مستقيم، وأريد بها التعاليم الكنائسية والعبرانية، فكنت في بحثي كذلك الرجل الذي وجد كيسا مملوءا بالأقذار المنتنة، ولكنه بعد التعب والمشقة وجد في ذلك الكيس عددا وافرا من الحجارة الكريمة، فبعد أن وجه جميع عبارات السفه لأولئك الذين ملئوا الكيس بالأقذار، عاد يثني عليهم ويشكرهم؛ لأنهم أخفوا تلك الجواهر وسط الأقذار، وكذلك فإني لبثت رازحا تحت عبء الاضطراب والتفكير حتى أدركت أنه في الإمكان تطهير تلك الجواهر من الأقذار التي علقت بها وشوهت محاسنها.
إني لم أكن أعرف النور، وكنت أزعم ألا حقيقة في هذه الحياة، ولكنني تحققت أن الناس عائشون في النور، فطفقت أبحث عن ينبوعه؛ فوجدته في الأناجيل الأربعة بقطع النظر عن تفاسير الكنيسة الكاذبة، ولما بلغت الينبوع غشت بصري ظلمة حالكة، وإنما عثرت على ضالتي المنشودة، فوجدت الجواب الذي كنت أسأله؛ فعرفت معنى حياتي وحياة الناس.
إن أبحاثي كانت مقتصرة على ماهية الحياة، ولم تتعداها إلى المسائل الإلهية والتاريخية؛ ولذلك كان لا فرق عندي؛ سواء كان المسيح إلها أم إنسانا، وكذلك لم أهتم بمسألة انبثاق الروح القدس ولا بمن كتب الأناجيل، وهل الأمثال الواردة فيها منسوبة للمسيح حقيقة أم لا، وإنما كان يهمني ذلك النور الذي أنار البشر مدة 1800 سنة كما ينيرها وينيرني الآن.
ثم أخذت أتفرس في ذلك النور وأقاوم كل شيء يحاول إخفاءه، وكلما توغلت في المسير على ذلك الطريق كانت تزول الريبة من نفسي وتظهر لي الحقيقة بحذافيرها، حتى استطعت أخيرا أن أفرق بين الصحيح والفاسد.
Bilinmeyen sayfa
ثم إنه ينبغي علينا لفهم تعليم يسوع المسيح الحقيقي كما كان يفهمه، هو أن نبحث في تلك التفاسير والشروح الطويلة الكاذبة التي شوهت وجه التعليم المسيحي حتى أخفته عن الأبصار تحت طبقة كثيفة من الظلام، ويرجع بحثنا إلى أيام بولص الرسول الذي لم يفهم تعليم المسيح، بل حمله على محمل آخر ثم مزجه بكثير من تقاليد الفريسيين وتعاليم العهد القديم.
وبولص كما لا يخفى كان رسولا للأمم أو رسول الجدال والمنازعات الدينية، وكان يميل إلى المظاهرات الخارجية الدينية كالختان وغيره، فأدخل أمياله هذه على الدين المسيحي؛ فأفسد جوهره .
ومن عهد بولص ظهر التلمود المسيحي المعروف بتعاليم الكنائس ، وأما تعليم المسيح الأصلي الحقيقي فخسر صفته الإلهية الكمالية، بل أصبح إحدى حلقات سلسلة الوحي التي أولها منذ ابتداء العالم وآخرها في عصرنا الحالي المتمسكة بها جميع الكنائس.
إن أولئك الشراح والمفسرين يدعون يسوع إلها دون أن يقيموا على ذلك الحجة، ويستندون في دعواهم على أقوال وردت في خمسة أسفار؛ موسى، والزبور، وأعمال الرسل، ورسائلهم، وتآليف آباء الكنيسة، مع أن تلك الأقوال لا تدل أقل دلالة على أن المسيح هو الله.
كل الرجال الذين ظهروا بعد المسيح وشرحوا تعاليمه وألفوا فيها التآليف الكثيرة كانوا يؤيدون للناس بأنهم يكتبون بإلهام الروح القدس، كبولص الرسول ورجال المجامع الذين عند عقدهم المجامع كانوا يفتتحونها دائما بالصلاة إلى الله ليسكب عليهم نعمة الروح القدس، ومثل ذلك تراتيب البابوات والمجامع المقدسة والأريوسييين وجميع المفسرين الكذبة الذين يجاهرون على رءوس الملأ بأن الروح القدس يتكلم بأفواههم؛ ليعززوا أقوالهم ويثبتوا للناس حقيقتها، ويدعون أن مطابقتهم التعاليم لبعضها ليست من مبتكرات بنات أفكارهم، بل هي صادرة عن الروح القدس.
إن تعاليم الإله الذي نزل إلى الأرض لا يمكن أن تكون متناقضة، فإذا كان الإله نزل إلى الأرض ليظهر الحقيقة للناس، فأقل شيء يطلب منه عند كشفه تلك الحقيقة أن تكون مفهومة لدى الجميع، فإذا لم يستطع ذلك فإنه ليس إله، فإذا كانت التعاليم الإلهية على شكل لا يستطيع الله نفسه أن يجعلها مفهومة، فالناس مهما أوتوا من الحكمة والذكاء فإنهم يعجزون عن إيضاحها وتفسير غامضها.
وأما إذا لم يكن المسيح إلها؛ بل إنسانا عظيما، فإن تعاليمه لا تتولد منها أيضا الأباطيل؛ لأن أقوال الرجل العظيم تعرف ببساطتها وقرب مأخذها.
ولم تظهر الطوائف والشيع في الديانة المسيحية ابتداء من أريوس فصاعدا إلا من كثرة البحث في تعاليم المسيح، وتفسيرها تفسيرا يطابق هوى المفسر أو الشارح التي لم تطابق عقائد الآخرين.
والقول بإن هذه العقيدة إلهية صادرة من الروح القدس قول بلغ أقصى درجات الكبر والحماقة؛ لأنه أي كبرياء يتصف بها الإنسان أعظم من ادعائه بأن الله يتكلم بفمه ولسانه ؟! وهل توجد في العالم حماقة أعظم من هذه؟! فما هذا الغش والضلال؟! ألا يجوز لكل إنسان أن يضع كتابا دينيا ثم يدعي أنه منزل من السماء؛ لأن الله أوحى به له حيث تكلم بفمه ولسانه؟! ومن هذا القبيل جميع تآليف المجامع الكنائسية وعقائدها ودستور إيمانها؛ ولذلك دخلت على الكنائس ما يسمونه بالهرطقات التي زعزعت أركان الدين المسيحي وهدمت معالم حقيقته.
والغريب أن مبتدعي تلك التعاليم يدعون أنهم يكتبون بإلهام الروح القدس الذي حل على الرسل، ولا يزال يحل على مفسري الكتاب الكذبة، ومع تماديهم في الادعاء فإنهم لا يستطيعون إقامة برهان واحد على صحة دعواهم يوضحون لنا ماهية الوحي، ويكشفون لنا النقاب عمن هو الروح القدس، بل ما زالوا يغررون بالناس ويدعون أنفسهم كواكب الكنيسة المسيحية، والأنكى من ذلك أن حيلتهم انطلت على البشر مدة عشرين جيلا.
Bilinmeyen sayfa
إن المسيحيين واليهود والمسلمين يعتقدون جميعهم بالوحي الإلهي، فالمسلمون يعتقدون بنبوة موسى وعيسى، ولكنهم يعتقدون كما أعتقد بأنه دخل التحريف والتشويه على كتب الديانة النصرانية، وهم يعتقدون بأن محمدا خاتمة الأنبياء، وأنه قد أوضح في قرآنه تعاليم موسى وعيسى الحقيقية كما قالاها دون زيادة ولا نقص، وأن كل مسلم أمامه كتاب القرآن يقرأه ويتمسك به ويسير بموجب أحكامه ولا يعترف بغيره من الكتب مهما اشتهر واضعوها بالتقوى والصلاح، ويسمي المسلمون ديانتهم بالمحمدية لأن محمدا وضعها بخلاف الكنيسة المسيحية التي تسير الآن بموجب تآليف الآباء الذين يدعون بأن ما كتبوه هو من الروح القدس، فكان الأحرى بالمسيحيين أن يسموا كنيستهم الروحية القدسية أولى من تسميتها بالمسيحية.
إن أصحاب البدع الروح القدسية يعتبرون كلام بولص وسائر الرسل والبابوات والبطاركة ولوثيروس وفيلاريت آخر كلام أنزل على الكنيسة من الروح القدس، فكان يجب على كل طائفة أن تسمي نفسها باسم ذاك الذي تتبع أقواله ولا تسمي نفسها مسيحية؛ لأنها تخالف تعاليم المسيح التي لا تهتم بها، بل فضلت عليها أقوال الآباء والمجامع والأساقفة؛ لأنهم يعلمون الناس بأن المسيح قال في كرازته: إنه نزل إلى الأرض ليفتدي الجنس البشري من الخطيئة التي تسلسلت إليه من آدم جد البشر الأول، وإن الروح القدس حل على الرسل، ثم يحل على الكهنوت بواسطة وضع الأيدي، وإنه لأجل الخلاص يتحتم على الناس تتميم سبعة أسرار الكنيسة، ويدعون أن هذه الأمور علمها المسيح للناس وألقاها على تلاميذه، مع أن المسيح براء منها، ولم يشر إلى شيء منها أقل إشارة.
هذه إيضاحات وافية أوضحتها لقراء كتابي الذين ربما تضطرب أفكارهم لدى مطالعتها، ويحزنون على الزمن الذي أضاعوه باتباع الأضاليل والترهات، وما على المقتنع بصحة أقوالي إلا أن يتوب توبة خالصة، ويرفض تلك التعاليم الكاذبة التي رسخت في ذهنه، ولا يلتفت للاضطهاد الذي تضطهده به الكنيسة ورجالها.
وإذا لم يقتنع قراء كتابي بأقوالي فما عليهم إلا أن يضطهدوني؛ لأني شوشت أفكارهم، وإني أحتمل بفرح وسرور جميع ما يتوقع لي منهم.
الإنجيل
تمهيد
الإنجيل هو كتاب أظهر للناس أن الله الأزلي هو أصل كل شيء في العالم، وأوضح لهم أن الله لا يمكن أن يكون شخصا محسوسا تتحسسه الأيدي وتراه الأبصار، ولم تظهر في العالم سوى كلمة الله أو بمعنى آخر كلمة الحياة، وكل إنسان يعيش في هذه الحياة الدنيا بواسطة كلمة الحياة التي بدونها لا يمكن أن يكون عائشا عيشة حقيقية، وأولئك الناس الذين لا يفقهون معنى كلمة الحياة، بل يعتقدون أن الجسد أصل كل شيء هم في ضلال مبين، ولا يتوصلون إلى الحصول على الحياة الحقيقية التي أرشدنا إليها المسيح بتعاليمه، فإنه وضع لنا ناموسا لنسير عليه ولا نتعدى حدوده.
مرقص، 1: 1: بشارة يسوع المسيح ابن الله.
يوحنا، 20: 31: إن تلك البشارة الحسنة تتضمن أن الناس المعتقدين بأنهم أبناء الله ينالون الحياة الصالحة، يوحنا، 1: 1: في البدء كانت كلمة الحياة، وكلمة الحياة قامت بمقام الله فإذن هي الله.
2: وبما أن المسيح بشر بتلك الكلمة، فقد أصبحت أصلا لكل شيء.
Bilinmeyen sayfa
3: كل شيء في العالم ولد بواسطة كلمة الحياة، وبدونها لا يمكن أن يكون شيئا حيا.
4: كلمة الحياة: توصل الناس للحياة الحقيقية.
5: كلمة الحياة هي نور الحقيقة، والنور يضيء في الظلام، والظلام لا يقوى عليه.
6: النور الحقيقي كان موجودا في العالم، وينير كل إنسان يوجد في العالم.
10: وكان في العالم، والعالم كان عائشا بوجود كلمة الحياة في وسطه، ولكن العالم لم يستطع ضبطه.
11: هو ظهر في خاصته، وخاصته لم تقبله.
12: إنما أولئك الذين أدركوا كلمة الحياة استطاعوا أن يستحقوه لأنهم آمنوا به.
13: أولئك الذين آمنوا أن الحياة في الكلمة أصبحوا أبناء الكلمة وليس أبناء الجسد.
14: وكلمة الحياة أظهرت ذاتها بالجسد بواسطة يسوع المسيح، وعلمنا أنه كإنسان بالجسد ابن للكلمة.
15: تعليم المسيح هو إيمان حقيقي كمالي.
Bilinmeyen sayfa