Inferences of Muhammad Rashid Rida in His Tafsir
استنباطات محمد رشيد رضا في تفسيره
Türler
[سبب عداوة أهل الكتاب لمحمد ﷺ أنه من غير جنسهم]
قال تعالى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)﴾ [سورة المائدة: ٦٨]
١٥. قال الشيخ محمد رشيد ﵀: "وأما إسناد إنزاله إلى الرسول ﷺ فليس لإفادة أنه أوحي إليه فقط، بل يشعر مع ذلك بأن إنزاله إليه سبب لطغيانهم وكفرهم، وأنهم لم يكفروا به لأجل إنكارهم لعقائده وآدابه وشرائعه أو استقباحهم، بل لعداوة الرسول الذي أنزل إليه وعداوة قومه العرب" (^١).
الدراسة:
استنبط الشيخ محمد رشيد رضا ﵀ استنباطا عقديا، في باب الإيمان بالرسل، في مسألة سبب عداوة أهل الكتاب لمحمد ﷺ أنه من غير جنسهم، بدلالة اللغة من إسناد الإنزال للرسول ﷺ.
وجه الاستنباط: عداوة أهل الكتاب للنبي ﷺ ليس لأنه جاء بوحي جديد وإنما كان بسبب خروجه من جنس غير جنسهم، مع أن كتبهم أشارت إليه وإلى صفاته ﷺ وأمره لهم باتباعه، ولكن عداوتهم له وللعرب طغت على ما أمروا به فحلت عليهم لعنة الله وغضبه.
قال ابن عطية: "أخبر تعالى نبيه أنه سيطغى كثير منهم بسبب نبوة محمد ﷺ ويزيده نزول القرآن والشرع كفرا وحسدا، ثم سلاه عنهم وحقرهم بقوله ﴿فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ﴾ أي لا تحزن إذ لم يؤمنوا ولا تبال عنهم" (^٢).
قال البيضاوي: " (حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم) ومن إقامتها الإيمان بمحمد ﷺ والإذعان لحكمه، فإن الكتب الإلهية بأسرها آمرة بالإيمان بمن صدقه والمعجزة ناطقة بوجوب الطاعة له، والمراد إقامة أصولها وما لم ينسخ من فروعها" (^٣).
وقال أبو السعود: "وقوله تعالى ﴿وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا﴾ جملة مستأنفة مبينة لشدة شكيمتهم وغلوهم في المكابرة والعناد وعدم إفادة التبليغ نفعا وتصديرها بالقسم لتأكيد مضمونها وتحقيق مدلولها والمراد بالكثير المذكور علماؤهم ورؤساؤهم ونسبة الإنزال إلى رسول الله ﷺ مع نسبته فيما مر إليهم للإنباء عن انسلاخهم عن تلك النسبة" (^٤).
(^١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٦/ ٣٩٤).
(^٢) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٢١٨).
(^٣) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٢/ ١٣٦).
(^٤) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (٣/ ٦٢).
1 / 294