من ربه، فلما قدمها انتصبت على الحال (إنه هو التواب) هو هاهنا مثل أنت في " إنك أنت العليم الحكيم " وقد ذكر قوله (منها جميعا) حال: أي مجتمعين إما في زمن واحد أو في أزمنة، بحيث يشتركون في الهبوط (فإما) إن حرف شرط، وما حرف مؤكد له، و(يأتينكم) فعل الشرط مؤكد بالنون الثقلية، والفعل يصير بها مبنيا أبدا، وما جاء في القرآن من أفعال الشرط عقيب إما كله مؤكد بالنون وهو القياس، لأن زيادة " ما " تؤذن بإرادة شدة التوكيد، وقد جاء في الشعر غير مؤكد بالنون، وجواب الشرط (فمن تبع) وجوابه، ومن في موضع رفع بالابتداء، والخبر تبع، وفيه ضمير فاعل يرجع على من، وموضع تبع جزم بمن.
والجواب (فلا خوف عليهم) وكذلك كل اسم شرطت به وكان مبتدأ فخبره فعل الشرط لاجواب الشرط، ولهذا يجب أن يكون فيه ضمير يعود على المبتدإ، ولا يلزم ذلك الضمير في الجواب حتى لو قلت: من يقم أكرم زيدا جاز، ولو قلت: من يقم زيدا أكرمه، وأنت تعيد الهاء إلى من لم يجز.
وذهب قوم إلى أن الخبر هو فعل الشرط والجواب، وقيل الخبر منهما ماكان فيه ضمير يعود على من، وخوف مبتدأ، وعليهم الخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى العموم بالنفى الذى فيه، والرفع والتنوين هنا أوجه من البناء على الفتح لوجهين: أحدهما أنه عطف عليه مالايجوز فيه إلا الرفع، وهو قوله (ولاهم) لأنه معرفة، ولا لاتعمل في المعارف، فالأولى أن يجعل المعطوف عليه كذلك ليتشاكل الجملتان، كما قالوا في الفعل المشغول بضمير الفاعل نحو: قام زيد وعمرا كلمته، فإن النصب في عمرو أولى ليكون منصوبا بفعل، كما أن المعطوف عليه عمل فيه الفعل.
والوجه الثاني من جهة المعنى، وذلك بأن البناء يدل على نفى الخوف عنهم بالكلية.
وليس المراد ذلك، بل المراد نفيه عنهم في الآخرة.
فإن قيل: لم لا يكون وجه الرفع أن هذا الكلام مذكور في جزاء من اتبع الهدى.
ولا يليق أن ينفى عنهم الخوف اليسير، ويتوهم ثبوت الخوف الكثير.
قيل: الرفع يجوز أن يضمر معه نفى الكثير تقديره: لاخوف كثير عليهم.
فيتوهم ثبوت الياء القليل، وهو عكس ما قدر في السؤال.
فبان أن الوجه في الرفع ما ذكرنا (هداى) المشهور إثبات الألف قبل على لفظ المفرد قبل الإضافة، ويقرأ هدى بياء مشددة، ووجهها أن ياء المتكلم يكسر ما قبلها في الاسم الصحيح والألف لا يمكن كسرها فقلبت ياء من جنس الكسرة ثم أدغمت.
Sayfa 32