قوله تعالى (أنبئهم) يقرأ بتحقيق الهمزة على الأصل، وبالياء على تليين الهمزة، ولم نقلبها قلبا قياسيا، لأنه لو كان كذلك لحذفت الياء كما تحذف من قولك أبقهم كما بقيت، وقد قرئ " آنبهم " بكسر الباء من غير همزة ولاياء، على أن يكون إبدال الهمزة ياء إبدالا قياسيا، وأنبأ يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد، وإلى الثاني بحرف الجر، وهو قوله (بأسمائهم) وقد يتعدى بعن كقولك: أنبأته عن حال زيد وأما قوله تعالى " قد نبأنا الله من أخباركم " فيذكر في موضعه (وأعلم ما تبدون) مستأنف وليس بمحكى بقوله (ألم أقل لكم) ويجوز أن يكون محكيا أيضا، فيكون في موضع نصب، وتبدون وزنه تفعون، والمحذوف منه لامه وهى واو، لأنه من بدا يبدو، والأصل في الياء التى في (إنى) أن تحرك بالفتح لأنها اسم مضمر على حرف واحد، فتحرك مثل الكاف في إنك، فمن حركها أخرجها على الأصل، ومن سكنها استثقل حركة الياء بعد الكسرة.
قوله تعالى (للملائكة اسجدوا) الجمهور على كسر التاء، وقرئ بضمها وهى قراءة ضعيفة جدا، وأحسن ما تحمل عليه أن يكون الراوى لم يضبط على القارئ وذلك أن يكون القارئ أشار إلى الضم تنبيها على أن الهمزة المحذوفة مضمومة
في الابتداء، ولم يدرك الراوى هذه الإشارة، وقيل إنه نوى الوقف على التاء الساكنة ثم حركها بالضم إتباعا لضمة الجيم، وهذا من إجراء الوصل مجرى الوقف، ومثله ما حكى عن امرأة رأت نساء معهن رجل فقالت: أفى سوأة أنتنه، بفتح التاء، وكأنها نوت الوقف على التاء، ثم ألقت عليها حركة الهمزة فصارت مفتوحة (إلا إبليس) استثناء منقطع، لأنه لم يكن من الملائكة، وقيل هو متصل، لأنه كان في الابتداء ملكا وهو اسم أعجمى لا ينصرف للعجمة والتعريف، وقيل هو عربي واشتقاقه من الإبلاس ولم ينصرف للتعريف، وأنه لا نظير له في الأسماء، وهذا بعيد، على أن في الأسماء مثله نحو: إخريط وإجفيل وإصليت ونحوه، وأبى في موضع نصب على الحال من إبليس تقديره: ترك السجود كارها له ومستكبرا (وكان من الكافرين) مستأنف، ويجوز أن يكون في موضع حال أيضا.
Sayfa 30