İslam İmparatorluğu ve Kutsal Mekanlar
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Türler
لا أتردد لحظة في القول بأن مقررات الإسلام تقر هذا التحرير من العوز وتدفع إليه، فقد فرض الإسلام الزكاة، وقرر الصدقة وجعلها للفقراء والمساكين وأبناء السبيل ممن عضهم الفقر بنابه، كما جعل لها مصارف أخرى هي مرافق الدولة العامة.
وقد جعل القرآن في أموال الأغنياء حقا معلوما للسائل والمحروم. ولما بدأت الأموال ترد من البلاد المفتوحة إلى مقر الخلافة في عهد عمر فرضت للناس أعطيات لم تقتصر على المحاربين وعلى علية القوم، بل كان منها لكل فقير حق مدون في دفاتر العطاء، اعتبره الخليفة واعتبره أولو الرأي الحد الأدنى لمستوى المعيشة العربية.
إن الإسلام يقر الاشتراكية ويقر الملكية الخاصة ويقر الميراث، وما دام الأمر كذلك فالمقادير التي ترضاها الجماعات في نظامها من هذه المذاهب والنظم متروك تقديرها لساستها ولأولي الأمر فيها، فكما أن لهم أن يجبوا من الضرائب ما يكفل التعليم العام والصحة العامة ومرافق الدولة جميعا، على النحو الذي يتصوره أهل عصرهم، فلهم كذلك أن يضعوا للأجور حدا أدنى، وأن يحرروا الناس من العوز على الوجه الذي يتفق مع المصلحة العامة، وأن يعينوا الحد لهذا التحرير.
فلن يقال إن عمر بن الخطاب رضي كذا حدا أدنى لعطائه، ليكون هذا التعيين ملزما اليوم، فلكل زمن تقديره وتصويره، والتشريع يجاري تصور الناس في زمن بذاته، ما دام هذا التصوير لا يتنافى مع المقررات الأساسية للإسلام.
وكيف يرتبط المسلمون اليوم بحد تقرر من قبل لأدنى مستوى العيش، وقد تغيرت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للحياة خلال القرون التي انقضت من صدر الإسلام إلى عصرنا الحاضر، تغيرا جعلها شيئا آخر غير ما كانت.
وحسبك أن تذكر الانقلاب الذي طرأ على العالم بقيام الصناعة الكبرى فيه، وأن تذكر كيف أثار هذا الانقلاب الإنتاج والتوزيع وكيف اهتز بسببه ما كان مستقرا في العالم ألوف السنين من علاقة بين رأس المال والعمل، لترى ما بين العهدين من فرق هائل.
والانقلاب الصناعي وليد القرن الماضي، ما بالك بما حدث من انقلابات اقتصادية قبله، وما بالك بما سبقه وما عاصره من انقلابات اجتماعية! أما والأمر ما ترى، فالتقيد بما تقرر في الماضي لا يمكن أن يتفق مع أوضاع الحاضر ونظمه.
هذا، ثم إن الناس كانوا يشكون في الماضي من القحط يصيب أمة من الأمم، أو طائفة من الأمم، أما اليوم فأكثر ما يشكو الاقتصاديون منه زيادة الإنتاج على حاجات الناس زيادة تؤدي إلى العطلة، وتؤدي إلى الاضطراب الاقتصادي، وإذا قلت الناس، قصدت بني الإنسان في مختلف أقطار الأرض؛ فقد يسرت وسائل النقل تداول الحاصلات والمنتجات الزراعية والصناعية، ولم يبق الخوف من القحط يساور أحدا في أيام السلم.
أما وزيادة الإنتاج خطر يهدد العالم الحين بعد الحين، فرفع مستوى العيش وتعيين حد أدنى لحاجات الإنسان أدخل في باب العلاج الاقتصادي، وهو في نفس الوقت علاج للأحوال الاجتماعية التي تثير الطوائف بعضها ببعض، كما أنه يتفق مع ما يجب للإنسان من كرامة ترتبط بوجوده كقوة عاملة، ينتج عملها الخير الوفير للجماعة الإنسانية كلها. (3) الطمأنينة وزيادة الإنتاج
والوقع أن ما في العالم من خيرات تتزايد كل يوم بفضل العلم، وما يمكن للإنسان من التحكم في قوى الطبيعة تحكما يكفل للناس أن يعيشوا جميعا عيشا إنسانيا معقولا، فإذا كان أكثرهم لا يزالون في عوز فمرجع ذلك إلى سوء التوزيع.
Bilinmeyen sayfa