İslam İmparatorluğu ve Kutsal Mekanlar
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Türler
وأنت ترى القرآن الكريم يفرض على الذين آتاهم الله من فضله أن يؤتوا الزكاة وأن يؤدوا الصدقات إلى أهلها، ويقرر في أموال ذوي المال حقا معلوما للسائل والمحروم، ويقيم بذلك مزاجا بين الفردية التي تحفز العامل للسعي وكسب الرزق، وبين الاشتراكية التي تكفل للجماعة الطمأنينة والاستقرار بسد عوز المعوز وحاجة المحتاج. ومع ذلك نرى عصور التدهور التي أشرنا إليها تشهد من آثار الأنانية ومظاهر الأثرة ما يناقض هذه المثل العليا كل المناقضة.
وأنت ترى في القرآن الكريم من معاني التعاون ما لا تشهد له أثرا في العهود المتأخرة إلا بقدر ما يستدر به الرجل عطف ذوي السلطان عليه، فإن رأى ذوو السلطان في تشييد المساجد ما يتقربون به إلى الله، تقرب الناس إليهم بتشييد المساجد، وإن رأى ذوو السلطان الانصراف إلى اللهو، تنافس الناس في محاكاتهم وتقليدهم، بذلك صغرت النفوس، وضعفت القلوب، وهانت الكرامة الإنسانية، وأصبح أمر الناس مظاهرة لا تنطوي على حقيقة، ولا مأرب لهم منها إلا إرضاءهم لأنانيتهم وإشباعهم لغرورهم.
أثر الحضارة الغربية
ظل الأمر كذلك حتى بدأت الحضارة الغربية تظل العالم بنفوذها، وتوقظ الراقدين من سباتهم، وكان ذلك منذ النصف الأخير للقرن الثامن عشر المسيحي. ومن يومئذ بدأت الأمم الإسلامية تفيق شيئا فشيئا، وينظر حكماؤها ومفكروها فيما آل إليه أمرها، أحق أنها هوت إلى المنحدر الذي هوت إليه بسبب عقائدها، أم بسبب نظام الحكم فيها؟ وهل يرجع هذا النظام إلى أصل من الدين، فلا سبيل إلى الخروج عليه إلا بالخروج على الدين؟ وهل هذه الحضارة الغربية بدعة منكرة في نظر الإسلام، أم أن ما فيها من خير يقره الإسلام ولا ينكره؟
هذه أمور تناولها أولئك الحكماء والمفكرون بالبحث والنظر، وفيما كانوا ينظرون كان غزو الحضارة الجديدة يسير بأسرع من تفكيرهم ومن نظرهم، وكانت نظم الحكم الغربية تنتقل مع هذا الغزو إلى الأمم الإسلامية المختلفة. وكان من المسلمين من يقول إن هذه النظم التي كفلت سبق الأمم إلى مضمار الحضارة هي وحدها التي تتفق مع روح الإسلام وتوائم تعاليمه.
على أن أحدا من فقهاء المسلمين في العصر الحديث لم يتجه نظره إلى تصوير الفكرة الإسلامية في الحكم تصويرا كاملا، وتطبيق هذا التصوير على الأمم الإسلامية في هذا الزمن الذي نعيش فيه، ولم يتجه أحدهم ليقيم مذهبا كاملا بين الحدود والتفاصيل، يضع كل شأن من شئون الجماعة في المكان الواجب له من نظام الحكم في الإطار الإسلامي الصحيح. قام جماعة من علماء الغرب بتصوير الاشتراكية المسيحية، ولست أعرف أحدا قام بتصوير الاشتراكية الإسلامية في مذهب كامل. هذا، والتفكير الإسلامي القديم غني بالمادة التي تكفي لإقامة هذا المذهب الكامل في هذا الموضوع كغناها بالمادة التي تكفي لإقامة مذهب كامل لنظام الحكم على الأساس الإسلامي في صفاء جوهره.
أفأستطيع أن أصور هذا النظام الإسلامي في الحكم بما يتفق وما عليه العالم في هذا العصر، ذلك ما سوف يكون بيانه في الصفحات التالية. (4) الإسلام ومبادئ الحضارة الإنسانية
سبق أن أشرنا إلى أن الإسلام لم يضع للحكم نظاما مفصلا، ولكنه وضع قواعد للسلوك في الحياة وللمعاملات بين الناس، كانت مقدمة لنظام للحكم تطور على الزمان، وتأثر أثناء تطوره بعوامل إسلامية وأخرى خارجية، تباينت ومبادئ الإسلام في بعض الأحيان أشد التباين. وهذا الوضع الشاذ هو الذي أدى إلى تدهور الأمم الإسلامية بعد قرون معدودة من انتشار الحضارة الإسلامية في ربوع كثيرة من العالم.
ولئن لم يضع الإسلام للحكم نظاما مفصلا، فقد وضع مبادئ أساسية لحضارة الإنسانية من شأنها أن تتطور على الزمان ما تطور علم الإنسان وفنه وتفكيره. والأساس الإسلامي للحضارة الإنسانية روحي ، يدعو إلى حسن إدراك الإنسان صلته بالوجود ومكانه منه، وإلى البلوغ بهذا الإدراك حد الإيمان، وعلى هذا الأساس الروحي، يجب أن ينظم الإنسان سلوكه في الحياة على مبادئ الأخوة والمحبة والبر والتقوى، وعلى أساس هذه المبادئ يجب أن ينظم الحياة الاقتصادية للجماعة الإنسانية.
عقيدة التوحيد
Bilinmeyen sayfa