İman, Bilgi ve Felsefe
الإيمان والمعرفة والفلسفة
Türler
أما الأخلاق والمعاملات فيتناولهما العلم تمام التناول، وينفي فيهما ويثبت ما شاء له النفي والإثبات. ولقد تنتهي مقررات العلم في هذا الباب الذي لم يبلغ بعد حد الكمال العلمي إلى ما يخالف مقررات الدين فيه. مثال ذلك مسألة الربا وتحريم الدين له وتحليل العلم الاقتصادي إياه، ومسألة العقوبات التي وردت في الكتب المنزلة كقطع يد السارق، ورجم الزاني مما ورد في القرآن الكريم، وما قال العلم الجنائي بتحويره. على أن هذا الخلاف ليس خلافا بين الدين والعلم؛ لأنه لا يتناول أصول الدين ولا ينقض سنن العلم، بل هو خلاف على تفاصيل ليس الخلاف عليها محرما في الدين ولا في العلم، وكيف يكون خلافا في أصول الدين، وقواعد الإسلام خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا؛ وليست المسائل التي قدمنا من هذه القواعد في شيء. وكيف يكون خلافا في أصول الدين لا يتسامح الناس فيه، وقد قال تعالى:
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك . فمثل هذا الخلاف مما تقع عليه المغفرة قطعا، وهذا الخلاف لا يمس كذلك أصول العلم الاجتماعي وما ينضوي تحته مما لا يزال في سبيل التطور، ثم هذه المسائل التي عليها الخلاف لا تمس أصلا ثابتا من أسسه ولا قاعدة مقررة من قواعده.
ولقد أورد صديقي الدكتور طه حسين في بحثه الذي نشر في الأسبوع الماضي
3
أمثلة على الخلاف كمسألة خلق الإنسان الأول بالإرادة على ما يقرر الدين، وبالتطور على ما يقول العلم وكغير هذه من المسائل التي يراها أساسية. وقد يكون هذا الخلاف صحيحا لو أن طرائق الدين والعلم كانت واحدة، وأن تصور الدين والعلم للحوادث كان واحدا. أما والطرائق مختلفة والتصور مختلف والغايات مختلفة - والميدان لذلك مختلف - فتصوير الخلاف بين الدين والعلم مثله مثل تصوير الخلاف على بيت بين رجلين؛ لأن أحدهما رآه من ناحية والآخر رآه من ناحية أخرى، البيت هو هو. والرجلان هما المختلفان.
ثم إن الدين يرى الرياضيات والطبيعة والكيمياء إلخ علوما، ويفرض معرفتها ولكن فرض كفاية لا فرض عين؛
4
لأنها ليست من جوهر الدين. والعلم يرى المباحث الفلسفية فيما وراء الطبيعة مما يتناوله الدين على أنه جوهري، ويفرض معرفتها فرض كفاية لا فرض عين؛ لأنها مما يسلك في نظام العلم. فما هو فرض عين في كل من الدين والعلم هو فرض كفاية في الآخر. وما كان الخلاف على فرض الكفاية خلافا في الجوهر.
لكن الخلاف كان وما يزال قائما بين رجال الدين ورجال العلم. وهو خلاف على السلطة ونظام الحكم - كما بينا من قبل - وقد انتصر رجال العلم، ونظموا الحكم واستأثر أنصارهم به في كل أنحاء العالم المتمدن، وبقي لرجال الدين الإشراف على قيام ما هو جوهر الدين في النفوس إشراف نصيحة وإرشاد لا إشراف حكم وسلطان.
والمسلمون في ذلك كغير المسلمين؛ لأن طبائع الأديان واحدة كما تقدم. •••
Bilinmeyen sayfa