İman
الإيمان
Araştırmacı
محمد ناصر الدين الألباني
Yayıncı
المكتب الإسلامي،عمان
Baskı Numarası
الخامسة
Yayın Yılı
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Yayın Yeri
الأردن
ولا يلزم من ذلك أن يدخل في لفظ الكلام المطلق، فليس في لغة القوم أصلًا ما يدل على أن ما في النفس يتناوله لفظ الكلام والقول المطلق، فضلًا عن التصديق والتكذيب، فعلم أن من لم يصدق بلسانه مع القدرة لا يسمى في لغة القوم مؤمنًا، كما اتفق على ذلك سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وقول عمر ﵁: زورت في نفسي مقالة أردت أن أقولها، حجة عليهم. قال أبو عبيد: التزوير إصلاح الكلام وتهيئته، قال: وقال أبو زيد: المُزَوَّر من الكلام والمزوَّق واحد، وهو المصلح الحسن، وقال غيره: زورت في نفسي مقالة، أي: هيأتها لأقولها. فلفظها يدل على أنه قدر في نفسه ما يريد أن يقوله ولم يقله، فعلم أنه لا يكون قولًا إلا إذا قيل باللسان، وقبل ذلك لم يكن قولًا، لكن كان مقدرًا في النفس يراد أن يقال، كما يقدر الإنسان في نفسه أنه يحج وأنه يصلي، وأنه يسافر، إلى غير ذلك، فيكون لما يريده من القول والعمل صورة ذهنية مقدرة في النفس، ولكن لا يسمى قولًا وعملًا إلا إذا وجد في الخارج، كما أنه لا يكون حاجًا ومصليًا إلا إذا وجدت هذه الأفعال في الخارج؛ ولهذا كان ما يهم به المرء من الأقوال المحرمة والأفعال المحرمة لا تكتب عليه حتى يقوله، ويفعله، وما هم به من القول الحسن، والعمل الحسن إنما يكتب له به حسنة واحدة، فإذا صار قولًا وفعلًا كتب له به عشر حسنات إلى سبعمائة، وعوقب عليه إذا قال أو فعل كما قال النبي ﷺ: " إن الله تجاوز لأمتي عما حدّثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل ".
وأما البيت الذي يحكى عن الأخطل أنه قال:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلًا
فمن الناس من أنكر أن يكون هذا من شعره، وقالوا: إنهم فتشوا دواوينه فلم يجدوه، وهذا يروى عن محمد بن الخشاب، وقال بعضهم: لفظه: إن البيان لفي الفؤاد.
1 / 113