فقال : يا غلام أي شيء معك ، قال : أربعمائة ، قال : اعطها لأشجع (1) ودخل عليه المفضل بن قيس بن رمانة ، وكان من رواته الثقات وأصحابه الأخيار فشكا إليه بعض حاله وسأله الدعاء ، فقال : يا جارية هاتي الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر ، فجاءت بكيس ، فقال : هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن به ، فقال له : لا والله جعلت فداك ما أردت هذا ولكن أردت الدعاء ، فقال له : ولا أدع الدعاء ، ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم (2).
وهذه بعض نفحاته الجزيلة ، وما ذكرناها إلا مثالا لذلك الخلق السامي وتدليلا على تخلقه بهذه الخلة الحميدة ، ولا نريد أن نذكر له كل نفحة طيبة وبما مضى ويأتي كفاية.
هباته السرية :
إن الصلة وإن كانت من الأب أو ممن هو أرفق منه كالإمام قد تحدث في القابل انكسارا وذلة ، لأنها تنبئ عن تفضل المعطي وحاجة الآخذ ، والحاجة نقص ، والشعور به يحدث الانكسار في النفس.
وقد تحدث في المعطي هزة الإفضال ، وتبجح المتفضل ، هذا سوى ما قد يكون للعطية في بعض النفوس من حب الذكر والفخر والسمعة أو الرياء أو ما سوى ذلك مما تكرم عنه النفوس النزيهة النقية.
Sayfa 227