Imam Muhammad bin Abdul Wahhab: His Call and Biography
الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته
Yayıncı
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤١١هـ
Türler
[تقديم]
الإمام محمد بن عبد الوهاب
دعوته وسيرته لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز محاضرة ألقاها في عام ١٣٨٥ هـ
حينما كان نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Bilinmeyen sayfa
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم من عوامل بقاء الدعوة تعاقب الدعاة لها ما تعاقبت الأيام، ومنذ أن أكرم الله تعالى هذه الأمة وصوت الداعي مدويا في أفق المدعوين إلى أن أكمل الله الدين وأتم النعمة، ثم توالى الدعاة من خلفاء الرسول ﷺ إلى من بعدهم من دول أو مصلحين وموجهين آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، وذلك عملا بالأصل القويم في قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ [آل عمران: ١٠٤] (١) الآية.
فكلما خيمت سحب البدع، واحلولكت ظلم الجهالة، وخاض الناس لجج الباطل أيد الله تعالى لهذه الأمة رجالا يدعون إلى الله تعالى على بصيرة، ينيرون
_________
(١) سورة آل عمران الآية ١٠٤.
1 / 3
الطريق، ويظهرون الحق ويحيون السنة، ويحاربون البدعة حتى يطهر الله على أيديهم البلاد، وينقذ بدعوتهم العباد، وهذا من تمام النعمة وسعة الفضل من الله تعالى على عباده.
ورجال الفكر وأرباب المعرفة دائما وأبدا يعنون بتراجم الأشخاص وسيرهم، وبالأخص أولئك الرجال الذين حولوا مجرى التاريخ في بلادهم وأوجدوا انقلابات في التفكير، فتراجم هؤلاء بمثابة المصابيح على جانبي الطريق يسترشد بهم الساري ويهتدي بهم القاصد.
ولئن كان بعض الناس يمجدون رجال الفكر أيا كانت وجهاتهم ويغالون في إحياء ذكراهم، بل ربما نصبوا لهم التماثيل، فإننا معاشر المسلمين لا نقدس الشخصيات، ولا ننساق وراء التيارات، ولكن لنا مقاييس تعرض عليها الرجال وأعمالهم، وبقدر ما ترجح كفتهم يكون لهم القدر والمنزلة في نفوسنا، ألا وهي مقاييس الدعوة والإرشاد وميادين الإصلاح في
1 / 4
ظل الإسلام.
وصاحب موضوع هذه المحاضرة القيمة من أوفر الناس حظا وأرجحهم كفة في ميادين الدعوة والإصلاح، وقد طبقت شهرته الآفاق حتى كتب عنه القاصي والداني مما سيراه القارئ، في غضون المحاضرة من التنبيه على ذلك، من كتاب شرقيين، بل قد كتب عنه أحد علماء المغرب العلامة سيدي محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي مدرس العلوم العالية بالقروية، وفيما ألقاه فضيلته بنادي الخطابة الأدبي بفاس ربيع الثاني عام ١٣٣٦ هـ في كتابه عن نشأة الفقه الإسلامي وتطوراته، وترجم لأعلام العالم الإسلامي ومنهم الشيخ المحاضر عنه وعن دعوته، وذلك في كتابه (الفكر السامي في تأريخ الفقه الإسلامي: جزء ٤ صفحة ١٩٦ فقرة ١٠١١ تحت عنوان (أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي) .
ولد في مدينة العيينة إقليم العارض بنجد سنة ١١١٥ هـ وربي بحجر أبيه، ثم انتقل إلى البصرة لإتمام دروسه، فبرع في
1 / 5
علوم الدين، واللسان وفاق الأقران، واشتهر هناك بتقوى وصدق التدين. . ثم قال:
عقيدته: السنة الخالصة، على مذهب السلف المتمسكين بمحض القرآن والسنة لا يخوض التأويل والفلسفة ولا يدخلهما في عقيدته.
وفي الفروع: مذهبه حنبلي غير جامد على تقليد الإمام أحمد، ولا من دونه، بل إذا وجد دليلا أخذ به، وترك أقوال المذهب، فهو مستقل الفكر في العقيدة والفروع معا: إلى أن قال: وكان قوي الحال ذا نفوذ شخصي وتأثير نفسي ولذا كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهو متفرد عن عشيرته في البصرة.
ونحن إذ ننقل للقارئ هذا القدر من كلام أحد علماء المغرب إنما نؤكد عناية أهل الفكر بسيرته وثبات ثمرة دعوته والتدليل على معرفة العلماء به.
بل إن بعض الأشخاص ليذكرون عن الدكتور كامل الطويل أنه أثناء وجوده بأوربا للتحضير للدكتوراه عثر على وثائق كانت متبادلة بين نابليون
1 / 6
والبابا العالي بخصوص دعوة الشيخ المترجم عنه، ووجوب عمل اللازم تجاهها، كخطر على مصالحهم في الشرق.
فلئن كان الأمر كذلك فلا أقل من أن نقدم سيرته ومنهج دعوته إلى الناس، وخاصة الناشئة منهم، ليروا مدى صبره ومثابرته وعوامل نجاح دعوته، ومما يعلي قيمة هذه المحاضرة عاملان أساسيان:
الأول: أنها توضح عوامل الدعوة، وأسسها، ومنهج الداعي، وخطواته، وتبرز جانبا هاما من جوانب العقيدة، وهو جانب توحيد العبادة الذي اشتدت حاجة الناس إليه، ولا سيما على النحو الذي عرضت فيه أثناء تلك المحاضرة.
العامل الثاني: أنه من أولى الناس بالمحاضر عنه حيث إنه حفظه الله أحد أفاضل علماء نجد، ومن أبرز من تلقى العلم على أحفاد الشيخ الإمام، فكان من أقرب الناس إليه وأولاهم به، وقد جاءت تلك المحاضرة وافية بالغرض، محققة للمطلوب، مما يتطلبه
1 / 7
القارئ عن الشيخ الإمام، (وعن دعوته) وعن أحوال بلاده، وأسباب قيامه بالدعوة، وعوامل نجاحه. فجزى الله الإمام عن الدعوة والمسلمين خيرا. وجزى الله فضيلة الشيخ المحاضر عنه خيرا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، ورضي الله عن كل داعية، وبارك في جهود كل مصلح في مشارق الأرض ومغاربها إنه سميع قريب.
كتبها: عطية محمد سالم
1 / 8
[نبذة موجزة عن فضيلة المحاضر]
أما فضيلة الشيخ المحاضر - حفظه الله - فهو غني عن التعريف، ولكن لاحتمال وصول تلك المحاضرة إلى من هم خارج المملكة دعت الحاجة إلى الإشارة إلى التعريف بنبذة من ترجمته حفظه الله.
الاسم: هو فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز.
مولده: ولد ببلدة الرياض عاصمة نجد في ذي الحجة عام ١٣٣٠ هـ.
نشأته: نشأ من أول عمره في طلب العلم وفي أسرة كريمة محبة للعلم وأهله.
دراسته: بدأ دراسته بحفظ القرآن الكريم فحفظه قبل البلوغ ثم تلقى العلوم الشرعية والعربية عن علماء الرياض.
مشايخه: أخذ عن عدة مشايخ ودرس على أيدي كثيرين مددا مختلفة أكثرهم من آل الشيخ أحفاد الإمام
1 / 9
المحاضر عنه.
منهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ.
ومنهم الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ قاضي الرياض آنذاك.
ومنهم الشيخ سعد بن حمد بن عتيق من آل عتيق قاضي الرياض آنذاك.
ومنهم الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال آنذاك، ومنهم الشيخ سعد وقاص البخاري بمكة المكرمة أخذ عليه التجويد خاصة.
ومنهم سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى، وهو الذي درس عليه جميع الدروس وكان له الحظ الأوفر في تحقيق العلوم على يديه، فقد لازم درسه نحو عشر سنوات حيث بدأ الدراسة على سماحته ابتداء من عام ١٣٤٧ هـ إلى عام ١٣٥٧ هـ إلى أن رشحه سماحته إلى القضاء.
منهج الدراسة: قد تتعدد الدراسة في عدة فنون على
1 / 10
عدة مشايخ في وقت معا أو على شيخ واحد في دروس متعددة، وقد كانت دراسة الشيخ حفظه الله تعالى على سماحة المفتي دراسة لها نظامها الخاص، وهو نظام التدرج والبداءة بالأهم. فأولا بدأ بدراسة العقائد وابتدأها بالأصول الثلاثة، ثم كشف الشبهات، ثم كتاب التوحيد، ثم العقيدة الواسطية، وهكذا في الفقه بالتدرج في المتون وكذلك الفرائض قرأها مرارا وكذلك في النحو في الأجرومية ثم الملحة، ثم القطر، إلخ. .
أوقات الدراسة ومكانها: كانت أوقات الدراسة مع سماحة المفتي كالآتي: في الصباح بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس في المسجد، ثم ضحوة النهار في مجلس سماحة المفتي في البيت، ثم بعد الظهر، وبعد العصر، وبعد المغرب، عقب الصلوات في المسجد.
علوم الشيخ: يعد فضيلته من كبار العلماء المجتهدين، حيث يسر الله له من العلوم في العربية ما يمكنه من النظر الكافي في العلوم الدينية، وقد كرس جهوده لأول وهلة في علوم الشريعة خاصة الفقه على مذهب
1 / 11
الحنابلة، ثم أولى الحديث عنايته التامة متنا وسندا، وكذلك علوم القرآن الكريم مما جعل فضيلته يعد في علماء العالم الإسلامي المبرزين حفظهم الله تعالى.
غير أنه يمكن أن يعد في علماء الفقه والحديث والعقيدة وله مؤلفات في ذلك وفتاوى عدة.
أعماله: ولي القضاء في منطقة الخرج أربعة عشر عاما، وأشهر وذلك من عام ١٣٥٧ هـ إلى ١٣٧١ هـ ولم يكن عمله في القضاء قاصرا على مهمة المحكمة بل كان يعنى بشئون المنطقة العامة من تعليم وزراعة وصحة، ويراسل المسئولين في كل ما من شأنه إصلاح المنطقة حتى كان وجوده كوجود الأب المشفق حول أبنائه في وسطهم يعنى بكل ما يهمهم، وقد كان المسئولون حفظهم الله عند حسن ظنه لما أحسوا من نصحه وإخلاصه. ولم تزل آثاره الإصلاحية باقية حتى الآن.
ثم انتقل إلى التدريس في المعاهد والكليات أول افتتاحها عام ١٣٧١ إلى عام ١٣٨٠ هـ حين فتحت الجامعة وكان حفظه الله أثناء عمله في ميدان التدريس
1 / 12
أسند إليه تدريس ثلاثة فنون هي الفقه، والتوحيد، والحديث، في كلية الشريعة. فكان (حفظه الله) مثلا لرحابة الصدر، وإبانة المسائل، وتربية الطلاب على طريقة الترجيح، ولا سيما أن مواطن الدرس في كل من الحديث والفقه كانت متفقة، فمثلا يدرس باب الزكاة في الفقه وباب الزكاة في الحديث، فإذا كانت حصة الفقه قرر المسألة على مذهب الحنابلة بدليلها عندهم وإذا كان درس الحديث قرر المسألة على ما تنص عليه الأحاديث فإن وافقه المذهب كان تأييدا له، وإذا خالفه أشار إلى وجه الترجيح ودعا إلى الأخذ بما يسانده الدليل، بدون تعصب لمذهب معين، ومما يحفظ لفضيلته: عدم التثاقل من السؤال وتوجيه الطالب إلى ما أراده، وربما توقف عن الإجابة وطلب الإمهال إذا كانت المسألة تحتاج إلى نظر وتأمل، بأن كانت من مواضع الخلاف مثلا، وكان بعيد العهد بها، وفي ذلك كما يقول علماء التربية الحديثة بعث النشاط في همة الطالب وبث روح الثقة بالنفس، وتفتح آمال
1 / 13
التحصيل عند الطلاب، حيث يشعر أن العلم بالبحث والدرس، وأنه لا يقدم على القول إلا بعد المعرفة التامة.
وفي العقائد كان مثال الاعتدال، لا هو من أولئك المتطرفين الذين يطلقون عبارات الشرك والكفر على كل صغيرة وكبيرة، ولا هو من المتساهلين الذين يغضون النظر عن صغار الأمور. بل كان ينبه على الصغيرة والكبيرة، ويضع كل شيء في موضعه، يجعل الشرك شركا والبدعة بدعة، حتى عن بعض من لقيه من غير المملكة مقياسا عادلا لمبدأ الدعوة ورجالها عدالة واعتدالا، ولم يزل كذلك حتى وهو في عمله الإداري إذا جلس للدرس في المسجد أو غيره.
ثم أسند إلى فضيلته نيابة رئاسة الجامعة الإسلامية من عام ١٣٨١ هـ وكان ذلك ولله الحمد نعمة من الله تعالى، خاصة في بدء تكوينها حيث تحتاج إلى التسامح والرفق مع الحزم والحكمة. وقد وفق الله تعالى لهذه المؤسسة المباركة سيرا حميدا وبدأت ثمار
1 / 14
أعمالها تظهر براعم تتفتح، وثمار تينع، نفع الله بها العالم الإسلامي ووفق لها من يساعد على أداء واجبها إنه سميع مجيب.
مؤلفاته: لعل كثرة أعمال الشيخ لم تتركه يتفرغ إلى التأليف. غير أنه لم يترك الفرص حيث عنت له وقد أبرز حتى الآن عدة مؤلفات في مختلف الفنون منها:
١ - الفوائد الجليلة في المباحث الفرضية طبع عدة مرات.
٢ - نقد القومية العربية - طبع - أعيد طبعه.
٣ - توضيح المناسك - طبع عدة مرات.
٤ - رسالة في نكاح الشغار - طبع.
٥ - الجواب المفيد في حكم التصوير - طبع.
٦ - رسالة في التبرج والحجاب - طبع.
مع عدة فتاوى خاصة وعامة.
نفع الله به وبعلومه، ووفقه لما يحبه ويرضاه. آمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبها: عطية محمد سالم
1 / 15
[محاضرة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته]
[ترجمة الإمام]
(محاضرة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -دعوته وسيرته)
لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
ألقيت بقاعة المحاضرات بالجامعة الإسلامية. أخذت من شريط التسجيل، وقد ألقيت ارتجالا، ولم تقيد من قبل.
الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب: دعوته، وسيرته.
1 / 16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه سيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
أما بعد: أيها الإخوان الفضلاء، أيها الأبناء الأعزاء. هذه المحاضرة الموجزة أتقدم بها بين أيديكم تنويرا للأفكار، وإيضاحا للحقائق، ونصحا لله ولعباده وأداء لبعض ما يجب علي من الحق نحو المحاضر عنه وهذه المحاضرة عنوانها: الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب. دعوته وسيرته.
لما كان الحديث عن المصلحين، والدعاة والمجددين، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة، وأعمالهم المجيدة، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم، وعلى صدقهم في دعوتهم، وإصلاحهم.
1 / 17
وأعمالهم وسيرتهم؛ مما تشتاق إليه النفوس الطيبة، وترتاح له القلوب، ويود سماعه كل غيور على الدين، وكل راغب في الإصلاح، والدعوة إلى سبيل الحق رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير وداعية غيور، ألا وهو الشيخ الإمام المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية.
هو: الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي النجدي، لقد عرف الناس هذا الإمام ولا سيما علماؤهم ورؤساؤهم وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز وما بين مطول، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات حتى المستشرقون كتبوا عنه كتابات كثيرة، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم، وبأنه مجدد للإسلام، وبأنه على هدى ونور من ربه، وتعدادهم
1 / 18
يشق كثيرا.
من جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الأحسائي. فقد كتب عن هذا الشيخ، فأجاد وأفاد وذكر دعوته، وذكر سيرته وذكر غزواته، وأطنب في ذلك وكتب كثيرا من رسائله واستنباطاته من كتاب الله ﷿ ومنهم الشيخ الإمام عثمان بن بشر في كتابه عنوان المجد، فقد كتب عن هذا الشيخ، وعن دعوته، وعن سيرته، وعن تاريخ حياته، وعن غزواته وجهاده، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه زعماء الإصلاح، فقد كتب عنه وأنصفه، ومنهم الشيخ الكبير مسعود عالم الندوي، فقد كتب عنه وسماه المصلح المظلوم وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك.
وكتب عنه أيضا آخرون، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني. فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته، فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها. وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني صاحب نيل الأوطار ورثاه بمرثية عظيمة، وكتب عنه جمع غفير
1 / 19
غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء (١) ولأجل كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الإمام وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حاله وما كان عليه من سيرة حسنة، ودعوة صالحة، وجهاد صادق وأن أشرح قليلا مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس، أو شيء من شك في حال هذا الرجل ودعوته، وما كان عليه.
[مولده ونشأته]
ولد هذا الإمام في عام (١١١٥) هجرية هذا هو المشهور في مولده رحمة الله عليه، وقيل في عام (١١١١) هجرية والمعروف الأول أنه ولد في عام ١١١٥ هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية. وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض
_________
(١) ممن ترجم للشيخ ترجمة لها أهميتها ما جاء في كتاب (الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمؤلفه سيدي محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي مدرس العلوم العالية بالقرويين، وموضع أهميتها أنها محاضرات بنادي الحبانية الأدبي سنة ١٣٣٦ هـ بمدينة فاس حيث تقع بالمغرب فضلا عن رجال المشرق وأصبحت مادة دراسية فضلا عن كتابة أدبية.
1 / 20
مسيرة سبعين كيلو مترا تقريبا، أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب.
ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة، وقرأ القرآن مبكرا، واجتهد في الدراسة، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان - وكان فقيها كبيرا (١) وعالما قديرا، وكان قاضيا في بلدة العيينة - ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف.
ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فاجتمع بعلمائها، وأقام فيها مدة، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت، وهما: الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي، أصله من المجمعة، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة. هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ
_________
(١) ترجم له صاحب الفكر السامي تحت رقم ١٠٠٧ ص ١٩٥ جـ٤ ومما قاله عنه: النجدي الفقيه وهو والد محمد بن عبد الوهاب إمام حنابلة نجد، له في بعض المناهل الفقهية كتابة حسنة، توفي سنة ١١٥٣ هـ.
1 / 21