164

İlyada

الإلياذة

Türler

وإذ فرغ جلاوكوس من حديثه، اغتبط ديوميديس، البارع في صيحة الحرب، وغرس رمحه في الأرض الفسيحة، وبعبارات رقيقة تحدث إلي راعي الجيش قائلا: «إذن فأنت حقا صديق بيت أبي منذ القدم؛ إذ أكرم «أوينيوس» العظيم، ذات مرة، وفادة بيليروفون المنقطع النظير، واستبقاه في أبهائه، عشرين يوما. وعلاوة على ذلك فقد أعطى كل منهما الآخر هدايا جميلة، تذكارا للصداقة. فقدم أوينيوس حزاما براقا بلون القرمز، وقدم بيليروفون كأسين ذهبيتين خلفتها ورائي في قصري عندما حضرت إلى هنا. أما توديوس فلا يمكنني أن أتذكره؛ إذ لم أكن سوى طفل صغير أيام أن سافر، في الوقت الذي هلك فيه جيش الآخيين في طيبة. ومن ثم، فأنا الآن ضيفك في أرجوس، وأنت ستكون ضيفي في لوكيا عندما أسافر إليها يوما ما. إذن، هيا نتجنب رماح بعضنا، حتى وسط الجموع، فهناك كثيرون أستطيع أن أصرعهم، من الطرواديين والحلفاء الذائعي الصيت، من سيمنحهم لي الرب، ومن تلحق بهم قدماي. وكذلك الحال بالنسبة لك، فهناك كثيرون من الآخيين لتقتلهم، كل من تقوى على قتلهم. ودعنا نتبادل حللنا الحربية، كل مع الآخر؛ كي يعرف هؤلاء أيضا أننا نعلن عن صداقتنا منذ أيام آبائنا.»

عندما دار هذا الحديث بينهما، قفزا من عربتيهما إلى الأرض، وأمسك كل منهما بيد الآخر وأقسما على الوفاء. فلما رأى زوس، ابن كرونوس، أن جلاوكوس قد استبدل حلته الذهبية بأخرى من البرونز، سلبه عقله؛ إذ أعطى لديوميديس، ابن توديوس، ذهبا قيمته مائة ثور ، مقابل برونز قيمته تسعة ثيران.

هكتور في طروادة

في تلك الأثناء بلغ «هكتور» الأبواب السكايية وشجرة البلوط، فأقبلت زوجات وبنات الطرواديين، يجرين من حوله، ويسألنه عن أبنائهن وإخوتهن وأصدقائهن وأزواجهن. فأمرهن بالصلاة للآلهة، كل إله بدوره، ومع ذلك فقد خيم الحزن على كثيرين منهم.

ثم مضى هكتور إلى قصر أبيه «بريام» الجميل، المزين بالأعمدة المصقولة، وكانت به خمسون حجرة من الحجر المصقول، تشد كل منها الأخرى ببنائها المتين، وفي داخلها كان يتوق أبناء بريام إلى الرقاد بجوار زوجاتهم اللواتي يتوددون إليهن. كما كانت هناك في مواجهتها اثنتا عشرة حجرة من الحجر المصقول، لبناته، كل حجرة مبنية إلى جوار الأخرى، وبداخلها كان ينام أزواج بنات بريام، إلى جوار زوجاتهم، وجاءت والدته الكريمة «هيكوبي» لاستقباله، تصحب معها «لاوديكي»، أجمل بناتها فتنة وإغراء، وأمسكت بيده وقالت: «أي بني، لم تركت القتال العنيف وقدمت إلى هنا؟ لا شك في أن أبناء الآخيين، المشهورين بالشرور، يضغطون عليك ضغطا شديدا، بينما يقاتلون حول مدينتنا، وقد دلك قلبك على المجيء إلى هنا، لترفع يديك متضرعا إلى زوس من القلعة. فلتبق هنا حتى أحضر لك خمرا في حلاوة العسل، لتقديمها سكيبة لزوس والآلهة الخالدين الآخرين أولا، فتنال من هذا نفعا عظيما، لو قدر لك أن تشرب منها. فعندما يشعر المرء بتعب العمل، فإن الخمر تزيد من قوته، وإنك الآن لمتعب من الدفاع عن زملائك.»

فرد عليها هكتور العظيم، ذو الخوذة البراقة، قائلا: «أي والدتي المبجلة، لا تحضري لي أية خمر عسلية، لئلا تعوقيني، فأنسى قوتي وشجاعتي. وعلاوة على ذلك فإنني أخاف أن أصب سكيبة من الخمر المستعرة لزوس، بيدي غير المغسولتين. كما أنه لا يجوز، بأية حال، أن يصلي المرء لابن كرونوس، سيد السحب الدكناء، وهو ملطخ بالدم والأقذار، ولكن اذهبي إلى معبد أثينا، سائقة الغنائم أمامك، ومعك ذبائح محترقة، وبصحبتك الزوجات المسنات، وأجمل ثوب وأوسعه في قصرك، الثوب العزيز لديك أكثر من بقية الثياب، وضعيه فوق ركبتي أثينا ذات الشعر الفاتن، ثم تعهدي لها بأن تذبحي في معبدها اثنتي عشرة بقرة صغيرة لم تتجاوز العام ولم تعرف المنخس بعد، إن أشفقت أثينا على طروادة وزوجات الطرواديين، وأطفالهم الصغار؛ أملا في أن تصد عن مدينتنا المقدسة ذلك الرماح المتوحش، المدبر القوي للشغب، ابن توديوس. إذن فاذهبي إلى معبد أثينا، سائقة أمامك الغنائم، وسأذهب أنا إلى «باريس» كي أستدعيه، إن شاءت الأقدار وأجاب طلبي. ألا ليت الأرض تخسف به! فما رباه الأوليمبي إلا لغرض مفجع، كمصدر أذى للطرواديين وبريام العظيم القلب وأبناء بريام، ولو قيض إلي أن أراه يهبط إلى هاديس لنسي قلبي جميع آلامه.»

هكذا قال هكتور، فذهبت أمه إلى القصر ونادت خادماتها فجمعن الزوجات المسنات من جميع أرجاء المدينة، أما الملكة نفسها، فنزلت إلى الخزانة ذات القبو؛ حيث توجد ملابسها الفاخرة الوشي، التي طرزتها أيدي النساء الستدونيات، اللواتي كان ألكساندر - باريس - شبيه الإله، قد جلبهن من سيدون، عندما أبحر على صفحة اليم الفسيح في تلك الرحلة التي جاء فيها بهيلينا العريقة المنبت. فتناولت «هيكوبي»

6

رداء كان أجمل الثياب وشيا، وفضفاضا أكثر من الجميع، يتلألأ كالنجم الساطع، وكان موضوعا أسفل كل الثياب، وحملته كتقدمة لأثينا. ثم سارعت بعد ذلك في طريقها، يتبعها حشد من الزوجات المسنات، يسرعن خلفها.

فلما وصلن إلى معبد أثينا في القلعة، فتحت لهن «ثيانو»

Bilinmeyen sayfa