وهذه عوائد نصر الله جميع المسلمين وإن كانوا قليلا ، وما هو بأول موطن نصر الله فيه المسلمين مع قلتهم ، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، وأنى لهم ذلك وفي كل ثغر من ثغور السواحل الإسلامية ، من الجيوش السلطانية ، والرحال المحمدية ، الذي قد أخلص كل منهم النية ، لرب البرية ، أمم تحملهم على نصر الله نفوسهم الأبية ، وصحبتهم ما أمر به رب الأرباب ، على لسان سيد الأولين والآخرين الأعاجم والأعارب ، من إعداد العدد التي أصنافها الرماح الخطية (¬1) والسيوف الهندية ، والسهام المفوقة عن القسي العربية - إلى غير ذلك مما يطول وصفه ، ويقرب به على العدو حتفه - والعزيمة الصارمة وهي كفاية ، والنية الصادقة التي أعلى منازل الجنة لها نهاية .
فصل
كانت( بلاد الشام) بكمالها ، ( وبلاد الجزيرة وبلاد الروم إلى القسطنطينية ) وتلك التخوم وسائر بلاد البحور ( كجزيرة قبرس ، ورودس ، وجزيرة الأندلس ، والجزيرة الخضراء ) كلها مشحونة قبل الإسلام بالنصارى على اختلاف أجناسهم وأصنافهم ومذاهبهم من الملكية واليعقوبية والنسطورية ، فلما جاء الإسلام على يدي (سيد الأنام ) عليه أفضل الصلاة والسلام ، فأدى الرسالة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده ومهد الله على يديه جزيرة العرب بكمالها وبلاد اليمن والبحرين وما قارب تلك النواحي وركب في ( ثلاثين ألفا) من أصحابه لدخول الشام ، امتثالا لقوله تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين )){123}
ولقوله تعالى : ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )) سورة التوبة
Sayfa 13