يكون عِنْد الْعلم بِاتِّفَاق الْمُجْتَهدين وَهُوَ مَفْقُود فِي هَذِه الصُّورَة فَانْتفى كَونه إِجْمَاعًا
وَأما كَونه حجَّة فَلِأَن الْعَادة تَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَو لم يكن صَحِيحا لما تطابق الْجَمِيع على السُّكُوت عَنهُ إِذا لم يكن هُنَاكَ مَانع قوي وَلَو كَانَ ثمَّ مَانع لظهر فَإِذا لم يظْهر ذَلِك وَلَا إِنْكَار صدر من أحد مِنْهُم لذَلِك القَوْل فيبعد إِلَّا يكون الْحق فِي ذَلِك القَوْل بعد قَوِيا فَيكون حجَّة لِئَلَّا الْمَحْذُور بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل الْعَصْر وَعدم إظهارهم الْمُخَالفَة
وَأما ابْن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ الْعَادة جَارِيَة بالإعتراض على الْمُفْتِي دون الْحُكَّام لما فِي الإعتراض على الْحُكَّام من ثوران الْفِتَن فَإِذا سكتوا عَن الْفتيا فَإِن سكوتهم دَال على الْمُوَافقَة دون مَا إِذا سكتوا عَن الحكم
وَقَالَ من عكس ذَلِك هَذَا فِي الحكم أولى لما كَانَت الْعَادة جَارِيَة بِهِ من أَن الْحَاكِم يشاور وَيُرَاجع أهل النّظر بِخِلَاف الْفَتْوَى فَإِنَّهَا تقع غَالِبا عَن الإستبداد
وَاعْترض على الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْفَتْوَى وَالْحكم وَقد تقدم أَنهم اعْترضُوا على الْخُلَفَاء فِي أحكامهم كثيرا
وَفِي الْمَسْأَلَة مبَاحث كَثِيرَة للأصوليين من التقديرات المجوزة لسنا بصدد ذكرهَا
مَرَاتِب الْإِجْمَاع السكوتي
وَالْمَقْصُود أَن هُنَا مَرَاتِب مُتَفَاوِتَة فِي الْقُوَّة والضعف
إِحْدَاهَا فرض ذَلِك فِي كل عصر وَهَذَا إِن كَانَ بعد اسْتِقْرَار الْمذَاهب فَلَا أثر للسكوت قطعا وَإِن كَانَ قبل ذَلِك فَفِيهِ مَا تقدم من الْخلاف
1 / 31