وهم يطبقون في مثل: «كيف أنت وزيد؟» على ترجيح الرفع، وضعف النصب؛ لأن الاسم لم يتقدمه فعل مع أن لكل من التركيبين معنى خاصا، وموضعا لا يليق به صاحبه، فإذا قلت: «كيف أنت وأخاك؟» بالنصب، فإنك تسأل عن صلة الاثنين، وتضع هذا التركيب حين يكون بينهما من الأمر ما هو جدير بالاستخبار، وموضع للمسألة.
أما «كيف أنت وأخوك؟» فإنه استخبار عن الاثنين يمكن أن تطنب فيه، فتقول: كيف أنت وكيف أخوك؟ وسمع النحاة من العرب: «كيف أنت وقصعة من ثريد؟» بالنصب فضعفوه وقالوا:
5 «بل الأكثر الرفع، ومن نصب فإنما قدر الضمير فاعلا لمحذوف لا مبتدأ، والأصل: كيف تصنع؟ فلما حذف الفعل وحده برز الضمير وانفصل.»
وإنما أولجهم هذا المأزق أصلهم في فلسفة العامل، وقولهم: إن المفعول معه إنما ينصب «بما من الفعل وشبهه سبق.» فإذا لم يكن قبله فعل أو شبهه لم ينصب، وكانت الواو عاطفة، وإذا ورد عن العرب ما هو منصوب مما لم يسبقه عامل، فإنما ذلك لأن العرب قد نوت العامل وطوته فوجب تقديره، على أنهم في سبيل الوفاء بأصلهم قد أغفلوا المعنى، وأضاعوا فرق ما بين إعراب وإعراب، ووضع ووضع.
وكذلك الحال بعد الاستفهام «بما» يروون لأسامة الهذلي:
فما أنا والسير في متلف
بنصب السير؛ فيجيزون الرفع ويختارونه، ويضعفون النصب، ويقدرون له: ما أكون والسير؟ ومثله في هذا قول مسكين الدارمي:
فما لك والتلدد حول نجد
وقد غصت تهامة بالجنود؟!
وليس المعنى في البيتين إلا على النصب؛ لأن الاستفهام وما فيه من استنكار أو تعجب، إنما هو لما بين الاثنين، ولا يصوره أن يجيء الاسم رفعا؛ لأنه إذن لا يؤدي معنى المصاحبة، وإذا بطلت بطل الاستفهام كله، وضاع ما فيه من معنى.
Bilinmeyen sayfa