وكذلك يصيرون إليه حين يتحول عن الكلمة داعي الرفع أيضا؛ تقول: خرج زيد وعمرو. تريد أن تتحدث عن كل منهما فترفع، فإذا كان الحديث عن واحد، وكان الثاني من تكملة الحديث، تحول داعي الرفع عنه فنصب؛ وقلت خرج زيد وعمرا.
وللنحاة في نصب هذا الاسم وناصبه خلاف عنيف، أناصبه الواو؟ أم الفعل قبله؟ أم هما معا؟ أم عامل معنوي سماه بعضهم الخلاف؟
على أن المنهج العربي واضح ، في بعد عن هذا الخلاف والشقاق، فإنه لم يكن من داع إلى الرفع فدخلت الكلمة في الباب الأوسع الأشمل وهو النصب.
ومثل هذا كثير لا يخفيه عن الناظر إلا تلك الرسوم التي رسموا، ثم تعبد الناس بها حتى صرفتهم عن المعنى وما تدل عليه الألفاظ.
وتستطيع أن ترى مثل ذلك في: «كلمته فاه إلى في» و«بعته يدا بيد» لما لم يكن من همك التحدث عن الفم واليد، وإنما سقتهما بيانا وتتمة للحديث، لم ترفع، ولو قصدت إلى التحدث عنهما لرفعت، ولقلت: يد بيد، وفوه إلى في.
والنحاة ينصبون مثل هذا على الحال، ثم يجدونه مخالفا للرسوم التي وضعوها للحال، فيتأولون لذلك كعادتهم في التأويل.
وكذلك يقولون: «مطرنا سهلنا وجبلنا، والسهل والجبل. وجاء القوم أولهم وآخرهم، والأول والآخر.» يرفعون ذلك كله فيعربه النحاة بدلا، ويروى منصوبا فتكون معضلة لدى النحاة يستعان فيها بأنواع من التأويل.
وتعرف تعسفهم في إعراب «عمرك الله» و«نحن العرب» و«إياك والأسد»، و«إياك الأسد»، وكذلك تعرف عناءهم في تلمس السبل لإعراب «عذيرك»
31
في مثل قول عمرو بن معد يكرب:
Bilinmeyen sayfa