ووجه اندفاع هذا الوهم أن التنزيه المقترن بالحمد مطلقا كما دلت عليه الآية لا يتم إلا على مذهب المعتزلة وسائر العدلية لا على مذهبه ومذهب أصحابه الأشاعرة ومن يحذو حذوهم، الا ترى أنه لو قال قائل: نحن ننزه الله تعالى عن أن يوجد الفحشاء أحد سواه تعالى........تعالى على إيجاده لها فينا، فهل يقول أحد أن هذا يجوز أو يصح شرعا أو عقلا، هذا ولا يخفى أن القول الأول من القولين اللذين ذكرهما هو الراجح لقلة الخذف فيه، ولأن الآية طلب للتسبيح والحمد والاستغفار، وذلك يستلزم إيجاد المسبح والحامد والمستفغر ولا يتم ذلك على القول الثاني وهو ظاهر.
وأما قوله: ليس كل تنزيه بمحمود، فجهل معنى التنزيه فإن كل تنزيه حقيقة محمود قطعا وإجماعا، وكل ما ليس بمحمود فليس بتنزيه حقيقة قطعا وإجماعا، ثم لا يخفاك أن قوله أي نزهه عما لا يليق لا يتم على قاعدتهم الإثنتين في الحسن والقبح وإثبات خلق الله لأعمال العباد.
أما الأولى: فلأن إثبات شيء يليق وشيء لا يليق خصوصا في الأفعال لا يتم أصلا على قاعدتهم المذكورة.
وأما الثانية: فلأنه تعالى إذا كان فاعلا للكل، فكيف يتصور تنزيهه عما لا يليق.
Sayfa 53