أما بعد: فإني لما وقفت على النبراس الطاعن في قواعد الأساس في مستهل شهر ربيع الأول من العام المجمل لعشرة أعوام بعد مائة وألف عام، وكنت بعد سماعي بوجوده أجيل في تطلبه سوائم نظري، وأحيل على ترقبه حوائم فكري، لأتصفح كنه مغزاه وأتفحص عما أراد مؤلفه بما اخترعه فيه وبما عزاه، وهو يومئذ يخفى في أيد جماعة يضنون به عن الابتذال، ويظنون أنه العاق النفيس الذي حقه أن يصاب ولا يذال، ويحسبون [1] أنهم في ذلك للكتاب بمجرد التمني والخيال، لكنهم لا يكادون يفقهون سنة، ومن غيره من كتب الفن الأمجد، وتوصيف الحال أو ترصيف المقال، حتى أفهمني معن الواقعين عليه أنه مما لا يمد أي حوله عنق الاعتراض والاعراض إليه، فزادني شغفا بالتطلع إلى أماكنه وأورثني لفها بالتطلب إلى مكامنه وهو مع ذلك كظل السائر يذهب هربا بالطلب، أو كلمع السراب لايطفو طالب السراب منه مأرب، ولقد كدت أحكم أنه مع العنقاء في السرداب أو يجهل رضوي برعي الأعواء في مزارع الأبدال والأقطاب.
ثم إن يدي وقعت عليه فوجهت النظر إليه فندمت على ما أفرطت في جنب البحث عنه من وط التطلب والسؤال، إذ رأيته في اختفائه شبيها بكسب الأشعري في خفائه، كما أنه يشابهه في الاضمحلال عند المناظرة والجدال
لا تنشر في طيه للأنصاب نشرا
ولم أجد تحت كبر حجمه إلا طغيانا وكبرا يروعك من سعد بن بكر جسومها
Sayfa 4