فصل
والمناظرة وما يجري مجرى ذلك مع من خالف الإسلام وغيرهم|
قال أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين وأن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام قد نهوا عنه فقال الصادق عليه السلام لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون الله يقول : ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) (1) وقوله ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) (2) فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله على شيعتنا وكيف يحرم الله الجدال جملة وهو يقول : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) (3) وقال الله تعالى ( تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (3) فجعل الله علم الصدق والإيمان بالبرهان وهل يؤتى ببرهان إلا بالجدال بالتي هي أحسن.
قيل يا ابن رسول الله فما الجدال ( بالتي هي أحسن ) وبالتي ليست بأحسن؟
قال أما الجدال بغير التي هي أحسن فأن تجادل به مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد بذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجة له على باطله وأما الضعفاء منكم فتغم قلوبهم (4) لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل.
وأما الجدال ( بالتي هي أحسن ) فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له فقال الله له حاكيا عنه : ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ) فقال الله تعالى في الرد عليه : ( قل ) يا محمد ( يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ) (5) إلى آخر السورة.
فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم فقال الله تعالى :
Sayfa 21