للأنصار تقدموا وتكلموا فقال الأنصار للمهاجرين بل تكلموا وتقدموا أنتم فإن الله عز وجل بدأ بكم في الكتاب إذ قال الله عز وجل : ( لقد تاب الله ) بالنبي على المهاجرين والأنصار ( الذين اتبعوه في ساعة العسرة ).
قال أبان قلت له يا ابن رسول الله إن العامة لا تقرأ كما عندك قال وكيف تقرأ؟ قال قلت إنها تقرأ : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ) (1) فقال ويلهم فأي ذنب كان لرسول الله صلى الله عليه وآله حتى تاب الله عليه عنه إنما تاب الله به على أمته فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص ثم باقي المهاجرين ثم بعدهم الأنصار.
وروي أنهم كانوا غيبا عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فقدموا وقد تولى أبو بكر وهم يومئذ أعلام مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال : اتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ونحن محتوشوه (2) يوم بني قريظة حين فتح الله له باب النصر وقد قتل علي بن أبي طالب عليه السلام يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم.
يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها ومودعكم أمرا فاحفظوه ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي وخليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم واضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم أشراركم ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون لأمري والعالمون لأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي واجعل لهم نصيبا من مرافقتي يدركون به نور الآخرة اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنة التي ( عرضها كعرض السماء والأرض ).
فقال له عمر بن الخطاب اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة ولا من يقتدى برأيه فقال له خالد بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فإنك تنطق على لسان غيرك وايم الله لقد علمت قريش أنك من ألأمها حسبا وأدناها منصبا وأخسها قدرا وأخملها ذكرا وأقلهم عناء عن الله ورسوله وإنك لجبان في الحروب بخيل بالمال لئيم العنصر ما لك في قريش من فخر ولا في الحروب من ذكر وإنك في هذا الأمر بمنزلة ( الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين. فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين ) (3) فأبلس (4) عمر وجلس خالد بن سعيد.
ثم قام سلمان الفارسي وقال كرديد ونكرديد أي فعلتم ولم تفعلوا وقد كان امتنع من البيعة قبل ذلك حتى وجئ (5) عنقه فقال يا أبا بكر إلى من تسند أمرك إذا نزل بك ما لا تعرفه وإلى من تفزع إذا سئلت عما لا تعلمه وما عذرك في تقدمك على من هو أعلم منك وأقرب إلى رسول الله وأعلم بتأويل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ومن قدمه النبي صلى الله عليه وآله في حياته وأوصاكم به عند وفاته فنبذتم قوله وتناسيتم وصيته وأخلفتم الوعد
Sayfa 76