* وأما ما احْتَجَّ به الغير على أن المأموم يقتصر على التحميد، من الحديث: "إذا قال الإِمام: (سمع الله لمن حمده)، فقولوا: (اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد) "، وفي لفظ: "ولك"، وفي آخَر: "ربنا ولك" (١)، والحديث الآخر: "إنما جُعِلَ الإِمامُ لِيُؤْتَمَّ به"، وفيه: "وإذا قال: (سمع الله لمن حمده)، فقولوا: (ربنا ولك) وفي لفظ: (اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد) "؟!.
فأجاب عنهما أئمتنا الشافعية ﵃، بأنه: ليس في الكلام حصرٌ، وغايةُ ما في الحديث السكوتُ عن إتيان المأموم بالتسميع والإِمامِ بالتحميد (٢)، فيستفاد ذلك من دليل آخر، وهو ثبوته مِن فعل الشارع وغيره مما قدَّمناهُ مبسوطًا (٣).
_________
= الله- على ما اعتاده أصحاب كل مذهب من مدح إمامهم، بما لا يخلو عادةً من نوع مبالغة في ذلك، وإن كان ليس هناك شك في إمامة الشافعي وعلمه، ورفعة درجته وورعه. ومما ينبغي التنبه له -أيضًا- أن الرؤى ليست مصدرًا لاستنباط الأحكام الشرعية والعمل بها، وإنما يستأنس بها فقط.
(١) أي: من غير ذكر لفظة "اللَّهُمَّ".
(٢) لكن يمكن أن يناقَش ذلك، بأن في الحديث قرينةً تدل على أن المأموم لا يأتي بالتسميع، وهي: أن الحديث سيق لبيان ما يفعله المأموم، فقال: "فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: (سمع الله لمن حمده)، فقولوه: (اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد)، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعون" أخرجه البخاري (٢/ ٢١٦)، ومسلم -واللفظ له- (١/ ٣١٠)، وزاد في رواية: "وإذا قال: (ولا الضالين)، فقولوا: (آمين) ".
(٣) لكن لم يثبت ما يدل على إتيان المأموم به خصوصًا.
1 / 28