Arapların En Parlak Devrinde İslam Yönetimi
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Türler
ومن أهم الأسباب في مقتله غلطة إدارية بدرت منه ساق إليها الغضب والعجلة. قالوا: إنه اجتمع
80
أناس من أصحاب النبي كتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله، وما كان من تطاوله في البنيان، وما كان من إفشائه العمل والولايات في أهله وبني عمه من بني أمية أحداث وغلمة، لا صحبة لهم من الرسول ولا تجربة لهم بالأمور، وما كان من الوليد بن عقبة بالكوفة؛ إذ صلى بهم الصبح وهو أمير عليها سكران أربع ركعات، ثم قال لهم: إن شئتم أن أزيدكم ركعة زدتكم، وتعطيله الحد عليه وتأخيره ذلك عنه «جلده حين شهد عليه بشرب الخمر، وأنه تعاطاها» وتركه المهاجرين والأنصار لا يستعملهم على شيء، ولا يستشيرهم واستغنى برأيه عن رأيهم، وما كان من الحمى الذي حمى حول المدينة، وما كان من إدراره القطائع والأرزاق والأعطيات على أقوام بالمدينة ليست لهم صحبة من النبي ثم لا يغزون ولا يذبون، وما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط، وأنه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس، وإنما كان ضرب الخليفتين قبله بالدرة والخيزران.
ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان، وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وكانوا عشرة، فلما خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان والكتاب في يد عمار، جعلوا يتسللون عن عمار حتى بقي وحده، فمضى حتى جاء دار عثمان فاستأذن عليه فأذن له في يوم شات، فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال له: أنت كتبت هذا؟ قال: نعم. قال: ومن كان معك؟ قال: كان معي نفر تفرقوا فرقا منك. قال: ومن هم؟ قال: لا أخبرك بهم. قال: فلم اجترأت علي من بينهم؟ فقال مروان: يا أمير المؤمنين، إن هذا العبد الأسود - يعني عمارا - قد جرأ عليك الناس، وإنك إن قتلته نكلت به من وراءه. قال عثمان: اضربوه. فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه، فغشي عليه فجروه حتى طرحوه على باب الدار، وغضب فيه بنو المغيرة وكان حليفهم؛ ذلك لأن عمارا كان من أعظم الصحابة، ومن النقباء في مجلس شورى الرسول، ومناقبه كثيرة في الإسلام، فمثل هذا لا يضرب على هذه الصورة البشعة، ومكانته مكانته بين المسلمين. والمثل العربي يقول: العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الملامة أو الإشارة، ومعاملة عمار بهذه القسوة ساقته إلى أن كان من أعظم من ألب الناس على عثمان، وخدم عليا ضروب الخدم حتى قتل في صفين.
ومن عمال عثمان: عبد الله بن الحضرمي، والقاسم بن ربيعة، وعبد الله بن عامر، وحبيب بن مسلمة الفهري، وأبو الأعور الأسلمي، وعلقمة بن حكيم، وجابر بن فلان المزني، وسماك الأنصاري، والقعقاع بن عمر، وجرير بن عيلان، والأشعث بن قيس، وعتيبة بن النهاس، ومالك بن حبيب، وسعيد بن قيس، والسائب بن الأقرع، وعقبة بن عامر، ومعاوية بن أبي سفيان، والغالب عليه مروان بن الحكم، وكان عثمان ست سنين في ولايته وهو أحب إلى الناس من عمر بن الخطاب، وكان عمر رجلا شديدا
81
قد ضيق على قريش أنفاسها لم ينل أحد معه من الدنيا شيئا إعظاما له وإجلالا وتأسيا به واقتداء، فلما وليهم عثمان وليهم رجل لين، ثم أنكر الناس عليه أشياء أشرا وبطرا. قال ابن عمر: لقد عيبت عليه أشياء لو فعلها عمر ما عيبت عليه.
أما طريقة علي بن أبي طالب فكانت أيضا في الإدارة طريقة من سبقوه إلى الإمامة: يولي العامل، ويطلق يده على الجملة، ويكشف حاله، ويدعو عماله إلى التبلغ بميسور العيش والرفق بالرعية، ويضع لهم المنهاج الذي يسيرون عليه. أوصى أحد عماله بأهل عمله فقال: إذا قدمت عليهم فلا تبيعن لهم كسوة شتاء ولا صيفا، ولا رزقا يأكلونه ولا دابة يعملون عليها، ولا تضرب أحدا منهم سوطا واحدا في درهم، ولا تقمه على رجله في طلب درهم، ولا تبع لأحد منهم عرضا في شيء من الخراج، فإنما أمرنا أن نأخذ العفو منهم. ومما كتبه إلى الأشتر النخعي وهو مما لم ينفذ وبقي في حيز الأقوال؛ لمقتل الأشتر قبل أن يبلغ مصر قوله: «وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله فإن في إصلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم؛ لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله، وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلا ... وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لإشراف الولاة على الجمع، وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر.»
ومما جاء في هذا الكتاب: «ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة؛ فإنهم جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة؛ فإنهم أكثر أخلاقا، وأصح أعراضا، وأقل في المطامع إشرافا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا، ثم أسبغ عليهم الأرزاق فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك، أو ثلموا أمانتك. ثم تفقد أعمالهم، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية، وتحفظ من الأعوان فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك، اكتفت بذلك شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه ...» وجاء في هذا الكتاب أيضا: «ثم إن للوالي خاصة وبطانة، فيهم استئثار وتطاول وقلة إنصاف في معاملة، فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال، ولا تقطعن لأحد من حاشيتك وحامتك
82
Bilinmeyen sayfa