قلنا: القول بأنه ذو مكان وانتقال يستلزم الجسمية لأن كل ما تمكن في الأماكن أو شغل الجهات فهو متحيز وكل متحيز فهو من قبيل الأجسام، والجسمية تستلزم الحدوث لما تقدم في دليل الدعاوى أن كل جسم محدث فيلزم أن يكون تعالى جسما محدثا وقد بطل في حقه تعالى حيث بينا أنه قديم ثم بينا أنه ليس بجسم، وأما قولهم أن القول بأنه لا داخل في العالم ولا خارج عنه نفي له فغير مسلم وإنما هو نفي لأن يكون من جنس العالم،ونحن نقول كذلك،وأما كون الأوامر والنواهي وإنزال الوحي ونحو ذلك من جهة فوق فلا يدل على الجهة كما زعموا وإنما أجرى الله العادة بذلك لما فيه من الألطاف،إذ الأمر الذي يتوقع إتيانه من فوقنا ليس كالأمر الذي يأتينا من سائر الجهات.وأما الآيات الكريمة فالفوق فيها بمعني القدرة والقهر كما قال تعالى{يد الله فوق أيديهم}(الفتح:10)ومعنى قوله تعالى{على العرش استوى}(طه:05) أي استولى كما قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق من غير (سفك لدم) مهراق
فالاستواء في الآية بمعنى الاستيلاء سواء أريد بالعرش جميع الملك أو أريد به الخلق العظيم المخصوص كما جاء في بعض الآثار وفيها ما يقضي بأنه حيوان ودليل أنه قد يعبر به عن جميع الملك قول الشاعر:
Sayfa 92