وأما الأصل الثاني:وهو أن كونه تعالى محدثا كالأشياء أو هي قديمة مثله لا يجوز فهو معلوم ضرورة لأن اجتماع النقيضين محال كما تقتضيه العقول، هذا فيه نظر، والأولى أن يقال لا يجوز ذلك لما تقدم من كون الباري تعالى قديما وقد أقمنا عليه البرهان القطعي فلا يثبت كونه محدثا كالأشياء ومن كون هذه الأجسام والأعراض محدثة وقد بينا دليله القطعي فلا تثبت كونها قديمة، وإذا علمنا تخالفهما في ذلك بالأدلة القطعية لم تصح دعوى المشابهة بينهما في حال من الأحوال وغاية ما يعتذر به عن ذلك أن يقال إذا ثبت ما ذكرتم فلا مانع من دعوى أن يقال هو قديم محدث أو هي قديمة محدثة فإن الدليل إنما دل على قدم الباري وعلى حدوث العالم .
قلنا: يكون ذلك جمعا بين النقيضين لما تقرر في العقول من المناقضة بين القديم والمحدث على أن الدليل الدال على القدم مانع من الحدوث والدليل الدال على الحدوث مانع من القدم فتأمل.
((فصل))
وإذا ثبت أنه تعالى لا يشبه الأشياء لم يجب عليه ما يجب عليها، إذ ذلك من شأن المختلفين من التحيز في الجهة وهي الفراغ الذي يتحيز فيه الجسم، فهي أمر عدمي فهو سبحانه لا يتحيز في جهة، وشغل المكان وهو الجسم الذي يقل الثقيل ويمنعه من الهوي فليس تعالى بذي مكان.
Sayfa 90