وهي الأولى من مسائل النفي أنه يجب على المكلف أن يعلم أن الله لا يشبه الأشياء. فليس بجسم ولا عرض ولا جوهر وهذا هو مذهب العترة عليهم السلام وصفوة الشيعة والمعتزلة وبقية أهل العدل وكثير من الفرق الداخلة في الإسلام والخارجة عنه. والخلاف في ذلك مع طوائف منهم الحشوية فإنهم ذهبوا إلى أنه تعالى جسم وله أعضاء وجوارح ولهم كلامات ضالة، قال بعضهم: أنه تعالى صفيحة مصمتة ملقاة على العرش، وقال بعضهم:أنه تعالى جسم لا يحاط به لعظمته، وقال بعضهم:أنه جسم على أتم ما يكون من الصور، وقال قوم من اليهود: أنه تعالى على صورة آدم، وقال قوم : أنه على صورة شيخ أبيض اللحية والشعر، ومن كلام المجسمة الشاهد بسخافة عقولهم وضلالهم قولهم أنه تعالى شاب أجرد أمرد قطط الشعر له سبتان من ذهب، ومن كلامهم أنه تعالى ينزل يوم عرفة على بعير له خفان من ذهب، ومن كلامهم أنه تعالى رمد فزارته الملائكة وهو متكي على سرير كهيئة ملوك البشر مستلقيا على قفاه واضعا أحد رجليه على الأخرى وأنه خلق خيلا في الجنة من زغب ذراعيه وأنه رأى نفسه في ماء ثم خلق آدم تشبيها بصورته، وممن أفرط في التشبيه الهشامان هشام بن الحكم وهشام الجوالقي وقد صنف هشام بن الحكم كتابا في أعضاء الرب وسماه كتاب التوحيد ومن كلامه أن الله تعالى سبعة أشبار وقيل خمسة فقيل بأي شبر فقال شبر نفسه فألزمه أبو الهذيل أن يكون كالذرة لأنه لا يمكن أن تكون مساحتها هذه الأشبار. وقالت الثنوية: أنه تعالى نور والنور جسم، ومنهم من يقول: بأنه تعالى عرض وهذا قول الصوفية وبعض الكرامية، ثم اختلفوا، فمنهم من قال أنه تعالى عرض غير حال، ومنهم من قال : أنه تعالى عرض حال في الصورة الحسنة،ومنهم من يقول: بأنه تعالى جوهر فبعض الفلاسفة يقول جوهر بسيط وهو العلة عندهم،والنصارى تقول: أنه جوهر على الحقيقة ثلاثة أقانيم على الحقيقة،وبعضهم يقول:أنه جواهر مبثوثة في كل مكان ويستشهدون لذلك بما ورد في الدعاء يا من هو في كل مكان وكل مكان منه ملآن.
والدليل على ذلك المذهب الصحيح وهو القول بأن الله لا يشبه الأشياء، أنه لو أشبهها لكان محدثا مثلها أو كانت قديمة مثله ولا يجوز أن يكون تعالى محدثا ولا أن تكون الأشياء سواه قديمة.طول الشيخ في الاستدلال وكان يكفيه أن يقول لو كان تعالى مشبها لها لكان محدثا وقد أبطلناه حيث أقمنا الدليل على أنه تعالى قديم وبينا أنه لو كان جسما لما صح منه الفعل إذ لا يصح من جسم إحداث جسم، وهذه الدلالة التي ذكرها الشيخ مبنية على أصلين أحدهما أنه لو أشبهها لكان محدثا مثلها أو كانت قديمة مثله.والثاني أن ذلك لا يجوز.
Sayfa 88