İdah Fi Ulum Balagha

Celaleddin Kazvini d. 739 AH
146

İdah Fi Ulum Balagha

الإيضاح في علوم البلاغة - إحياء العلوم

Araştırmacı

محمد عبد المنعم خفاجي

Yayıncı

دار الجيل

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yeri

بيروت

فذلك أحد ما نراه من أسبابه الكثيرة حتى أنه ذكر للمتوكل لتأديب بعض ولده فلما رآه واستبشع منظره صرفه وأمر له بعشرة آلاف درهم. الحق أن الجاحظ كان عربيًّا في روحه ودمه وحياته. وكان يتعصب للعرب في كل شيء حتى في الثقافة والأدب في عصر كان النفوذ والسلطان في الدولة فيه للعناصر الأجنبية لا سيما الفرس، وكثيرًا ما كان ينسى أولو الثقافة والكفايات من العرب إلا من اتصل منهم بحبل وزير أو أمير، والجاحظ مع صداقته الوثيقة لمحمد بن عبد الملك الزيات الوزير م سنة ٢٣٣هـ، والذي أهدى له كتابه "الحيوان" وكافأه عليه بخمسة آلاف دينار، كان يتخلل هذه الصداقة الشك والجفاء، ولم يستطع أو لم يتسن له، أن يستفيد شيئًا من وراء هذه الصداقة، وقتل محمد بن عبد الملك وجاء بعده عدوه اللدود أحمد بن أبي دؤاد الذي سيق إليه الجاحظ مغلولًا؛ لأنه كان من أصحاب محمد بن عبد الملك، ثم فك قيوده وطلب حديثه وبيانه وثوقًا منه بظرفه وأدبه لا بإخلاصه وولائه. ثم لا ننس أن مواهب الجاحظ مواهب عالم وأديب لا مواهب رجل من رجال المجتمع والسياسة والحياة العامة، وقد رفعته مواهبه العقلية والعلمية والأدبية مكانًا عليًّا ما كان ينتظر أن ترفعه إليه السياسة مهما خلق في أجوائها، وكان إخلاص الجاحظ للفكر والثقافة أعظم من إخلاصه للحياة نفسها، وكان خوضه في معامع الثقافة والعلم يشغله عن الخوض في ميادين السياسة والاجتماع، وكانت لذته في الدراسة والبحث والتأليف أكثر من لذته في مجد السياسة وسلطانها، فالجاحظ أولًا وقبل كل شيء هو رجل الثقافة والأدب، وهو المعتزلي الذي تتلمذ على النظام ثم عاف تقليد غيره في العقيدة فكان صاحب مذهب ورئيس فرقة من فرق المعتزليين، وهو المتكلم الساحر والكاتب البليغ والخطيب المفوه والعالم الفذ والمؤلف النابه وشيخ العربية.

1 / 148