İktisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Araştırmacı
سليم بن عيد الهلالي
Yayıncı
دار ابن عفان
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Yayın Yeri
السعودية
فَمَنْ يَجْعَلُ الْمَنَاخِلَ فِي قِسْمِ الْبِدَعِ; فَظَاهِرٌ أَنَّ التَّمَتُّعَ عِنْدَهُ بِلَذَّةِ الدَّقِيقِ الْمَنْخُولِ أَتَمُّ مِنْهُ بِغَيْرِ الْمَنْخُولِ، وَكَذَلِكَ الْبِنَاءَاتُ الْمُشَيَّدَةُ الْمُحْتَفِلَةُ; التَّمَتُّعُ بِهَا أَبْلَغُ مِنْهُ بِالْحُشُوشِ وَالْخَرِبِ، وَمِثْلُهُ الْمُصَادَرَاتُ فِي الْأَمْوَالِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ، وَقَدْ أَبَاحَتِ الشَّرِيعَةُ التَّوَسُّعَ فِي التَّصَرُّفَاتِ، فَيَعُدُّ الْمُبْتَدِعُ هَذَا مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ ظَهَرَ مَعْنَى الْبِدْعَةِ، وَمَا هِيَ فِي الشَّرْعِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
[فَصْلٌ الْبِدْعَةُ التَّرْكِيَّةُ]
فِي الْحَدِّ أَيْضًا مَعْنًى آخَرُ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الْبِدْعَةَ مِنْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا: " إِنَّهَا طَرِيقَةٌ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٌ " إِلَى آخِرِهِ، يَدْخُلُ فِي عُمُومِ لَفْظِهَا الْبِدْعَةُ التَّرْكِيَّةُ، كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْبِدْعَةُ غَيْرُ التَّرْكِيَّةِ.
فَقَدْ يَقَعُ الِابْتِدَاعُ بِنَفْسِ التَّرْكِ تَحْرِيمًا لِلْمَتْرُوكِ أَوْ غَيْرَ تَحْرِيمٍ، فَإِنَّ الْفِعْلَ مَثَلًا يَكُونُ حلَالًا بِالشَّرْعِ، فَيُحَرِّمُهُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ يَقْصِدُ تَرْكَهُ قَصْدًا.
فَبِهَذَا التَّرْكِ; إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَمْرٍ يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ شَرْعًا أَوْ لَا.
فَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ يُعْتَبَرُ، فَلَا حَرَجَ فِيهِ، إِذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَرَكَ مَا يَجُوزُ تَرْكُهُ أَوْ مَا يُطْلَبُ بِتَرْكِهِ، كَالَّذِي يُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِهِ الطَّعَامَ الْفُلَانِيَّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَضُرُّهُ فِي جِسْمِهِ أَوْ عَقْلِهِ أَوْ دِينِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا مَانِعَ هُنَا مِنَ التَّرْكِ، بَلْ إِنْ قُلْنَا بِطَلَبِ التَّدَاوِي لِلْمَرِيضِ; فَإِنَّ التَّرْكَ هَنَا مَطْلُوبٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِإِبَاحَةِ التَّدَاوِي; فَالتَّرْكُ مُبَاحٌ.
فَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى الْعَزْمِ عَلَى الْحَمِيَّةِ مِنَ الْمُضِرَّاتِ، وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ
1 / 57