380

İktisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Soruşturmacı

سليم بن عيد الهلالي

Yayıncı

دار ابن عفان

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Yayın Yeri

السعودية

تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَرُبَّمَا جَلَسْتُ خَلْفَهُ أَبْكِي مِمَّا أَرَاهُ يَصْنَعُ بِنَفْسِهِ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ؛ قَالَ: " غُشِيَ عَلَى مَسْرُوقٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ: أَفْطِرْ، قَالَ: مَا أَرَدْتِ بِي؟ قَالَتْ: الرِّفْقَ، قَالَ: يَا بُنْيَةُ! إِنَّمَا طَلَبْتُ الرِّفْقَ لِتَعَبِي فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ".
وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ: أَنَّهُ قَالَ: " أَتَيْتُ أُوَيْسًا الْقَرْنِيَّ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ وَقَعَدَ، فَقُلْتُ: لَا أَشْغَلُهُ عَنِ التَّسْبِيحِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتَ الصَّلَاةِ؛ قَامَ فَصَلَّى إِلَى الظُّهْرِ، فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ، صَلَّى إِلَى الْعَصْرِ، فَلَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ؛ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا صَلَّى الْمَغْرِبَ؛ صَلَّى إِلَى الْعِشَاءِ، فَلَمَّا صَلَّى الْعِشَاءَ؛ صَلَّى إِلَى الصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ؛ جَلَسَ، فَأَخَذَتْهُ عَيْنُهُ، ثُمَّ انْتَبَهَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَيْنٍ نَوَّامَةٍ، وَبَطْنٍ لَا تَشْبَعُ ".
وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ عَنِ الْأَوَّلِينَ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْأَخْذِ بِمَا هُوَ شَاقٌّ فِي الدَّوَامِ، وَلَمْ يَعُدَّهُمْ أَحَدٌ بِذَلِكَ مُخَالِفِينَ لِلسُّنَّةِ، بَلْ عَدُّوهُمْ مِنَ السَّابِقِينَ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ النَّهْيَ لَيْسَ عَنِ الْعِبَادَةِ الْمَطْلُوبَةِ، بَلْ هُوَ عَنِ الْغُلُوِّ فِيهَا غُلُوًا يُدْخِلُ الْمَشَقَّةَ عَلَى الْعَامِلِ، فَإِذَا فَرَضْنَا مَنْ فُقِدَتْ فِي حَقِّهِ تِلْكَ الْعِلَّةُ؛ فَلَا يَنْتَهِضُ النَّهْيُ فِي حَقِّهِ؛ كَمَا إِذَا قَالَ الشَّارِعُ: لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ، وَكَانَتْ عِلَّةُ النَّهْيِ تَشْوِيشَ الْفِكْرِ عَنِ اسْتِيفَاءِ الْحُجَجِ؛ اطَّرَدَ النَّهْيُ مَعَ كُلِّ مُشَوِّشٍ، وَانْتَفَى عِنْدَ انْتِفَائِهِ، حَتَّى إِنَّهُ مُنْتَفٍ مَعَ وُجُودِ الْغَضَبِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِيفَاءِ الْحُجَجِ، وَهَذَا صَحِيحٌ جَارٍ عَلَى الْأُصُولِ.

1 / 400