376

İktisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Soruşturmacı

سليم بن عيد الهلالي

Yayıncı

دار ابن عفان

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Yayın Yeri

السعودية

هَذَا؛ إِنْ كَانَ الْعَامِلُ لَا يَنْوِي الدَّوَامَ فِيهِ، فَكَيْفَ إِذَا عَقَدَ فِي نِيَّتِهِ أَنْ لَا يَتْرُكَهُ؟! فَهُوَ أَحْرَى بِطَلَبِ الدَّوَامِ.
فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: " «يَا عَبْدَ اللَّهِ! لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، فَنَهَاهُ ﵇ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ فُلَانٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّرْكِ مِنْ ذَلِكَ الْفُلَانِ وَغَيْرِهِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ الَّذِي هُوَ مَظَنَّةٌ لِلْمَشَقَّةِ عِنْدَ الدَّوَامِ مَطْلُوبُ التَّرْكِ لِعِلَّةٍ أَكْثَرِيَّةٍ، فَفُهِمَ عِنْدَ تَقْرِيرِهِ أَنَّهُ إِذَا فُقِدَتْ؛ زَالَ طَلَبُ التَّرْكِ، وَإِذَا ارْتَفَعَ طَلَبُ التَّرْكِ؛ رَجَعَ إِلَى أَصْلِ الْعَمَلِ، وَهُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ.
فَالدَّاخِلُ فِيهِ عَلَى الْتِزَامِ شَرْطِهَ دَاخِلٌ فِي مَكْرُوهٍ ابْتِدَاءً مِنْ وَجْهٍ؛ لِإِمْكَانِ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ، وَفِي الْمَنْدُوبِ إِلَيْهِ؛ حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِ الْعَزِيمَةِ عَلَى الْوَفَاءِ، فَمِنْ حَيْثُ النَّدْبُ؛ أَمَرَهُ الشَّارِعُ بِالْوَفَاءِ، وَمِنْ حَيْثُ الْكَرَاهِيَةُ؛ كَرِهَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ.
وَحِينَ صَارَتِ الْكَرَاهَةُ هِيَ الْمُقَدَّمَةَ؛ كَانَ دُخُولُهُ فِي الْعَمَلِ لِقَصْدِ الْقُرْبَةِ يُشْبِهُ الدُّخُولَ فِيهِ بِغَيْرِ أَمْرٍ، فَأَشْبَهَ الْمُبْتَدِعَ الدَّاخِلَ فِي عِبَادَةٍ غَيْرِ مَأْمُورٍ بِهَا، فَقَدْ يُسْتَسْهَلُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إِطْلَاقُ الْبِدْعَةِ عَلَيْهَا كَمَا اسْتَسْهَلَهُ أَبُو أُمَامَةَ ﵁.
وَمِنْ حَيْثُ كَانَ الْعَمَلُ مَأْمُورًا بِهِ ابْتِدَاءً قَبْلَ النَّظَرِ فِي الْمَآلِ، أَوْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْمَشَقَّةِ، أَوْ مَعَ اعْتِقَادِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ؛ أَشْبَهَ صَاحِبُهُ مَنْ دَخَلَ

1 / 396