İktisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Soruşturmacı
سليم بن عيد الهلالي
Yayıncı
دار ابن عفان
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Yayın Yeri
السعودية
يَكُونَ مُلَبِّسًا بِهَا عَلَى الْغَيْرِ أَوْ تَكُونَ هِيَ مِمَّا تَلْتَبِسُ عَلَيْهِ بِالسُّنَّةِ، إِذِ الْإِنْسَانُ لَا يَقْصِدُ الِاسْتِتْبَاعَ بِأَمْرٍ لَا يُشَابِهُ الْمَشْرُوعَ، لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ لَا يَسْتَجْلِبُ بِهِ فِي ذَلِكَ الِابْتِدَاعِ نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ بِهِ ضَرَرًا وَلَا يُجِيبُهُ غَيْرُهُ إِلَيْهِ.
وَلِذَلِكَ تَجِدُ الْمُبْتَدِعَ يَنْتَصِرُ لِبِدْعَتِهِ بِأُمُورٍ تُخَيِّلُ التَّشْرِيعَ، وَلَوْ بِدَعْوَى الِاقْتِدَاءِ بِفُلَانٍ الْمَعْرُوفِ مَنْصِبُهُ فِي أَهْلِ الْخَيْرِ.
فَأَنْتَ تَرَى الْعَرَبَ الْجَاهِلِيَّةَ فِي تَغْيِيرِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﵇ كَيْفَ تَأَوَّلُوا فِيمَا أَحْدَثُوا احْتِجَاجًا مِنْهُمْ، كَقَوْلِهِمْ فِي أَصْلِ الْإِشْرَاكِ ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، وَكَتَرْكِ الْحُمْسِ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ ; لِقَوْلِهِمْ: لَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ اعْتِدَادًا بِحُرْمَتِهِ، وَطَوَافِ مَنْ طَافَ مِنْهُمْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا; قَائِلِينَ: لَا نَطُوفُ بِثِيَابٍ عَصَيْنَا اللَّهَ فِيهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا وَجَّهُوهُ لِيُصَيِّرُوهُ بِالتَّوْجِيهِ كَالْمَشْرُوعِ.
فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ عُدَّ أَوْ عَدَّ نَفْسَهُ مِنْ خَوَاصِّ أَهْلِ الْمِلَّةِ؟! فَهُمْ أَحْرَى بِذَلِكَ، وَهُمُ الْمُخْطِئُونَ، وَظَنُّهُمُ الْإِصَابَةَ، وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا; ظَهَرَ أَنَّ مُضَاهَاةَ الْأُمُورِ الْمَشْرُوعَةِ ضَرُورِيَّةُ الْأَخْذِ فِي أَجْزَاءِ الْحَدِّ.
وَقَوْلُهُ: " يُقْصَدُ بِالسُّلُوكِ عَلَيْهَا الْمُبَالَغَةُ فِي التَّعَبُّدِ لِلَّهِ تَعَالَى " هُوَ تَمَامُ مَعْنَى الْبِدْعَةِ، إِذْ هُوَ الْمَقْصُودُ بِتَشْرِيعِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الدُّخُولِ فِيهَا يَحُثُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ إِلَى الْعِبَادَةِ وَالتَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، فَكَأَنَّ الْمُبْتَدِعَ رَأَى أَنَّ
1 / 54