İktisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Araştırmacı
سليم بن عيد الهلالي
Yayıncı
دار ابن عفان
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Yayın Yeri
السعودية
طُولٌ، وَلَكِنَّهُ يَخْدِمُ مَا نَحْنُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ قَوْمٍ يَتَسَمَّوْنَ بِالْفُقَرَاءِ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ الصُّوفِيَّةِ، فَيَجْتَمِعُونَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، وَيَأْخُذُونَ فِي الذِّكْرِ الْجَهْرِيِّ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ فِي الْغَنَاءِ وَالرَّقْصِ إِلَى آخَرَ اللَّيْلِ، وَيَحْضُرُ مَعَهُمْ بَعْضُ الْمُتَسَمِّينَ بِالْفُقَهَاءِ، يَتَرَسَّمُونَ بِرَسْمِ الشُّيُوخِ الْهُدَاةِ إِلَى سُلُوكِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ؛ هَلْ هَذَا الْعَمَلُ صَحِيحٌ فِي الشَّرْعِ أَمْ لَا؟
فَوَقَعَ الْجَوَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَاتِ، الْمُخَالَفَةِ طَرِيقَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَطَرِيقَةَ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَنَفَعَ بِذَلِكَ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ.
ثُمَّ إِنَّ الْجَوَابَ وَصَلَ إِلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ، فَقَامَتْ عَلَى الْعَامِلِينَ بِتِلْكَ الْبِدَعِ، وَخَافُوا انْدِرَاسَ طَرِيقَتِهِمْ وَانْقِطَاعَ أَكْلِهِمْ بِهَا، فَأَرَادُوا الِانْتِصَارَ لِأَنْفُسِهِمْ، بَعْدَ أَنْ رَامُوا ذَلِكَ بِالِانْتِسَابِ بِالسُّنَّةِ إِلَى شُيُوخِ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ ثَبَتَتْ فَضِيلَتُهُمْ وَاشْتُهِرَتْ فِي الِانْقِطَاعِ إِلَى اللَّهِ وَالْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ طَرِيقَتُهُمْ، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ لَهُمْ الِاسْتِدْلَالُ؛ لِكَوْنِهِمْ عَلَى ضِدِّ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا بَنَوْا نِحْلَتَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ: الِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ ﷺ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْأَفْعَالِ، وَأَكْلِ الْحَلَالِ وَإِخْلَاصِ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ خَالَفُوهُمْ فِي هَذِهِ الْأُصُولِ، فَلَا يُمْكِنُهُمُ الدُّخُولُ تَحْتَ تَرْجَمَتِهِمْ.
وَكَانَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ سَأَلَ بَعْضَ شُيُوخِ الْوَقْتِ فِي مَسْأَلَةٍ تُشْبِهُ هَذِهِ، لَكِنْ حَسَّنَ ظَاهِرَهَا بِحَيْثُ يَكَادُ بَاطِنُهَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ، فَأَجَابَ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مُقْتَضَى ظَاهِرِهَا؛ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إِلَى مَا
1 / 337