İktisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Soruşturmacı
سليم بن عيد الهلالي
Yayıncı
دار ابن عفان
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Yayın Yeri
السعودية
Bölgeler
•İspanya
İmparatorluklar
Nasrîler (Banū al-Aḥmar, Gırnata)
ثُمَّ اقْتَفَى النَّاسُ أَثَرَهُمْ فِي ذَلِكَ الرَّأْيِ الْحَسَنِ، فَجَمَعُوا الْعِلْمَ وَدَوَّنُوهُ وَكَتَبُوهُ، وَمَنْ سَبَقَهُمْ فِي ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمُ اتِّبَاعًا وَأَبْعَدِهِمْ مِنَ الِابْتِدَاعِ.
هَذَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِلَ عَنْهُمْ كَرَاهِيَةُ كَتْبِ الْعِلْمِ مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ; فَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ إِمَّا عَلَى الْخَوْفِ مِنَ الِاتِّكَالِ عَلَى الْكُتُبِ اسْتِغْنَاءً بِهَا عَنِ الْحِفْظِ وَالتَّحْصِيلِ، وَإِمَّا عَلَى مَا كَانَ رَأْيًا دُونَ مَا كَانَ نَقْلًا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ.
ثُمَّ اتَّفَقَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَدْوِينِ الْجَمِيعِ لَمَّا ضَعُفَ الْأَمْرُ، وَقَلَّ الْمُجْتَهِدُونَ فِي التَّحْصِيلِ، فَخَافُوا عَلَى الدِّينِ الدُّرُوسَ جُمْلَةً.
قَالَ اللَّخْمِيُّ لَمَّا ذُكِرَ كَلَامُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ كُتُبِ الْعِلْمِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ الْإِجَارَةَ عَلَى كُتُبِهِ، وَحَكَى الْخِلَافَ ; وَقَالَ: " لَا أَرَى الْيَوْمَ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ; لِأَنَّ حِفْظَ النَّاسِ وَأَفْهَامَهُمْ قَدْ نَقَصَتْ، وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ لَيْسَتْ لَهُمْ كُتُبٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَاسِمِ وَلَا لِسَعِيدٍ كُتُبٌ، وَمَا كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أَحَدٍ يَكْتُبُ فِي هَذِهِ الْأَلْوَاحِ، وَلَقَدْ قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ: أَكُنْتَ تَكْتُبُ الْعِلْمَ؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: أَكُنْتَ تُحِبُّ أَنْ يُقَيِّدُوا عَلَيْكَ الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: لَا.
فَهَذَا كَانَ شَأْنُ النَّاسِ، فَلَوْ سَارَ النَّاسُ لِسِيرَتِهِمْ، لَضَاعَ الْعِلْمُ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا مِنْهُ رَسْمُهُ، وَهَكَذَا النَّاسُ الْيَوْمَ يَقْرَءُونَ كُتُبَهُمْ، ثُمَّ هُمْ فِي التَّقْصِيرِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ ".
وَأَيْضًا; فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ: أَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ وَاجِبٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ; كَانَ إِهْمَالُ كُتُبِهَا وَبَيْعِهَا يُؤَدِّي
1 / 231