189

İktisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Soruşturmacı

سليم بن عيد الهلالي

Yayıncı

دار ابن عفان

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Yayın Yeri

السعودية

بِهِ عَنْ تَعَبِ الْمَشْيِ، فَلَمَّا رَآهُ مَائِلًا إِلَى الدِّيَانَةِ، أَتَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ، وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: وَكَأَنَّكَ لَا تَعْمَلُ إِلَّا بِأَمْرٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ حَمْدَانُ: وَبِأَمْرِ مَنْ تَعْمَلُ؟ قَالَ: بِأَمْرِ مَالِكِي وَمَالِكِكَ وَمَنْ لَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ، قَالَ: ذَلِكَ هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: صَدَقْتَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهَبُ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ. قَالَ: وَمَا غَرَضُكَ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي أَنْتَ مُتَوَجِّهٌ إِلَيْهَا؟ فَقَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أَدْعُوَ أَهْلَهَا مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ، وَمِنَ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنَ الشَّقَاوَةِ إِلَى السَّعَادَةِ، وَأَنْ أَسْتَنْقِذَهُمْ مِنْ وَرَطَاتِ الذُّلِّ وَالْفَقْرِ، وَأُمَلِّكَهُمْ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ عَنِ الْكَدِّ وَالتَّعَبِ، فَقَالَ لَهُ حَمْدَانُ: أَنْقِذْنِي أَنْقَذَكَ اللَّهُ، وَأَفِضْ عَلَيَّ مِنَ الْعِلْمِ مَا تُحْيِينِي، فَمَا أَشَدَّ احْتِيَاجِي لِمِثْلِ مَا ذَكَرْتَهُ! فَقَالَ لَهُ: وَمَا أُمِرْتُ أَنْ أُخْرِجَ السِّرَّ الْمَكْنُونَ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ إِلَّا بَعْدَ الثِّقَةِ بِهِ وَالْعَهْدِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: فَمَا عَهْدُكَ؟ فَاذْكُرْهُ فَإِنِّي مُلْتَزِمٌ لَهُ. فَقَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِي وَلِلْإِمَامِ عَهْدَ اللَّهِ عَلَى نَفْسِكَ وَمِيثَاقَهُ أَلَّا تُخْرِجَ سِرَّ الْإِمَامِ الَّذِي أُلْقِيهِ إِلَيْكَ وَلَا تُفْشِي سِرِّي أَيْضًا.
فَالْتَزَمَ حَمْدَانُ عَهْدَهُ، ثُمَّ انْدَفَعَ الدَّاعِي فِي تَعْلِيمِهِ فُنُونَ جَهْلِهِ، حَتَّى اسْتَدْرَجَهُ وَاسْتَغْوَاهُ، وَاسْتَجَابَ لَهُ فِي جَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ، ثُمَّ انْتُدِبَ لِلدَّعْوَةِ، وَصَارَ أَصْلًا مِنْ أُصُولِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ، فَسُمِّيَ أَتْبَاعُهُ الْقَرَامِطَةَ.
وَمِثَالُ الثَّانِي مَا حَكَاهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ [المائدة: ١٠٤]، الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:) ﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ - أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ - قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٧٢ - ٧٤].

1 / 207