أسفا على عقل نابك فَإِن الْوَاقِف على مَعْنَاهُ المقتحم لفحواه علم على الْقطع والقط أَنَّك لم تعرف الله تَعَالَى قطّ لِأَنَّك لم تذكر فِيهِ دَلِيلا صَحِيحا نعم وَلَا قولا فصيحا وَإِن كَانَ لَك دَلِيل آخر على معرفَة الله تَعَالَى لم تذكره هُنَا فَهَذِهِ تَرْجَمَة بِلَا معنى وَاسم يهول بِلَا مُسَمّى كلامك ياهذا كفارع حمص خلى من الْمَعْنى وَلَكِن يجمع ... ثمَّ نظم هَذِه التَّرْجَمَة على مَا أبديناه من التَّنَاقُض أَن يُقَال تَكْثِير مَا لَا يتكثر فِي معرفَة الله وَأي رابط بِهَذَا الْكَلَام وَهل هَذَا إِلَّا مضحكة الْخَاص وَالْعَام وعار لم يصل إِلَيْهِ أحد من عقلاء الْأَنَام
ثمَّ بعد ذَلِك شرع هَذَا الْقَائِل فِي الخطابة وصنعة الْكِتَابَة فسحب على سحبان ثوب النسْيَان وأنسى أبان كل مَا أبان وصير فصيح وَائِل أعيا من بَاقِل فَقَالَ الْحَمد لله بَالغ القوى الَّتِي فطرنا عَلَيْهَا فيا للعجب وَيَا لضيعة الدّين وَالْأَدب ... دع المكارم لَا ترحل لبغيتها
واقعد فَإنَّك أَنْت الجائع العاري ...
أما قَوْله الْحَمد لله فَكَلَام حق ومقال صدق عِنْد من عرف مَعْنَاهُ وَفهم فحواه وَأما عنْدك فَكَلَام سمعته وَمَا وعيته وَكَيف تعيه أَو تطمع فِي أَنَّك تدريه وَأَنت بمعزل عَن اللِّسَان عرى عَن تَحْصِيل شَرَائِط الْبُرْهَان
دَلِيل ذَلِك أَن الْحَمد لله يتَوَجَّه لأسئلة وَأَنت لَا تهتدي لفهمها فَكيف لحلها مِنْهَا لفظية وَمِنْهَا معنوية فأولها حَده وَإِلَى مَاذَا يرجع وَمَا الْفرق بَينه وَبَين الشُّكْر وَهل هُوَ فِي هَذَا الْموضع عَام أم لَا وَهل يَصح أَن يُطلق على غير الله وَإِن أطلق فَهَل بِالْحَقِيقَةِ أم بالمجاز وعَلى أَي وَجه يُضَاف إِلَى الله تَعَالَى أَعلَى جِهَة الْملك أَو على جِهَة الإستحقاق أَو غَيرهمَا من أَنْوَاع الْإِضَافَة ولأي شَيْء يوضع فِي أَوَائِل الْكتب وَلَا يَكْتَفِي عَنهُ بِالتَّسْمِيَةِ
وَأما قَوْلك بَالغ القوى فَكَلَام مختل صدر عَمَّن لم يحصل تَنْزِيل مَفْهُومه على فَائِدَة لِأَن الْمُتَكَلّم بِهِ عمل بَالغ مَوضِع مبلغ ثمَّ ذهب
1 / 48