وشكره لَهُ كفرا وَكَانَ مَعْرفَته مثل شكره وحمده فقد حصل من الْعلم على ضِدّه وَخرج من الشُّكْر عَن حَده
وَأما قَوْلك والتعظيم لملوكنا وَأهل الرهبة من ذَوي السُّلْطَان منا فَقَوْل لَا يدل على زهدك فِي الدُّنْيَا وإقتدائك بورع الْمَسِيح عِيسَى وبخشية المعمد يحيى عظمت الْمُلُوك لملكهم طَمَعا فِي نيل سحت ملكهم وأعرضت عَن القسيسين ونسكهم وَلَو هديت السَّبِيل لَكَانَ الْأَنْبِيَاء والحواريون أَحَق وَأولى بالثناء والتبجيل لَكِن استهواك الطمع وإستفزك الجشع فآثرت الدُّنْيَا عَن الْآخِرَة فصفقتك اذن خاسرة وتجارتك بائرة
وَأما قَوْلك فرضا لَهُ شاكرين حامدين معظمين فَكَلَام غير مُنْتَظم وَلَيْسَ لَهُ مَفْهُوم ملتئم ذهب مَعْنَاهُ لِكَثْرَة لحنه يمجه الْعَاقِل ببديهة ذهنه أتلفت مَعْنَاهُ رضانة الْعَجم فَكَأَنَّهُ تبقى فِي نفس قائلة مكتتم
وَأما قَوْلك غير واقفين على ذَاته وَلَا مدركين لشَيْء مِنْهُ فلعمري لقد صدقت وَبِمَا أَنْت عَلَيْهِ من الْجَهْل بمعبودك نطقت فَأَيْنَ هَذَا من قَوْلك كتاب تثليث الوحدانية فِي معرفَة الله فقد جعلت هَذَا الْكتاب بزعمك موصلا إِلَى معرفَة الله ثمَّ لم ترجع النَّفس حَتَّى شهِدت على نَفسك بِالْجَهْلِ بِاللَّه فَظهر تنَاقض إعتقادك على لسَانك وَفِي تقييدك وَكَذَلِكَ يفعل الله بِكُل جَاهِل مهذار وَكَيف يعرف الله من لم يقف على معرفَة ذَاته وَلَا علم شَيْئا من صِفَاته وَهل ذَاته تَعَالَى إِلَّا عبارَة عَن وجوده فَإِن الموجودات الْمَوْجُود من غير مزِيد على مَا يعرف فِي مَوْضِعه بالبرهان فَمن لم يعرف ذَاته تَعَالَى لم يعرف وجوده وَمن لم يعرف وجوده فإمَّا شَاك وَإِمَّا جَاهِل
وَأما قَوْله وَإِنَّمَا نقع على أَسمَاء أَفعاله فِي خليقته وتدبيره فِي ربوبيته فَكَلَام لم يُورِدهُ فصيحا وَلَا فهمه صَحِيحا دَلِيل أَنه لم يردهُ فصيحا أَنه أَرَادَ بقوله نقع نَعْرِف وَإِلَّا لم يستقم كَلَامه فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا نَعْرِف أَسمَاء أَفعاله وَأَيْنَ نَعْرِف من نقع وَأي جَامع بَينهمَا عِنْد من عقل وَسمع فَإِن مَفْهُوم وَقع وَحَقِيقَته سقط الشَّيْء من أَعلَى إِلَى أَسْفَل وَلَيْسَ لهَذَا الْمَعْنى فِي كَلَامه مدْخل وَأما أَنه لم يفهمهُ صَحِيحا فَيدل عَلَيْهِ أَنه لَا يُجيب إِذا سُئِلَ عَنهُ فأصخ يَا هَذَا
1 / 52