ثم أصبحت قد انخت ركابي عند رحب الفناء والأعطان
فأعطني ما تضيق عنه رواتي بفصيح من صالح الغلمان
يفهم الناس ما أقول من الشعر فإن البيان قد أعياني
واعتمدني بالشكر يا ابن سليم في بلادي وسائر البلدان
سترى فيهم قصائد غرًا فيك سباقة بكل لسان
فأمر له بوصيف فسماه عطاء وتبناه وتكنى به ورواه شعره، فكان إذا أراد إنشاد مديح
لمن يمتدحه أو يجتديه أو إنشاء شعر أمره فأنشد.
قيل إنه قال يومًا: وإلا منذ لدن ذاوتا وقلت ليبأ ما إنك تصنأ- يعني وإنك منذ دعوتك
وقلت: لبيك، ما كنت تصنع؟.
وشهد أبو عطاء حرب بني أمية وبني العباس وآب مع بني أمية وقتل غلامه عطاء مع ابن
هبيرة وانهزم هو.
وحكى المدائني أن أبا عطاء كان يقاتل المسودة وقدامه رجل من بني مرة يكنى أبا زياد قد
عثر فرسه فقال لأبي عطاء: أعطني فرسك! أقاتل عني وعنك- وقد كانا أيقنا بالهلاك-
فأعطاه أبو عطاء فرسه، فركبه المرى ومضى على وجهه ناجيًا فقال أبو عطاء:
لعمرك إنني وأبا زياد لكالساعي إلى لمع السراب
رأيت لخيله يطغون فيها وفي الطمع المذلة للرقاب
فما أغناك عن طلب ورزق وما أغناك عن سرق الدواب
وأشهد أن مرة حي صدق ولكن لست فيهم في النصاب
وعن المدائني أن يحيى بن زياد الحارثي وحماد الراوية كان بينهما وبين معلى بن هبيرة ما
يكون بين الشعراء من المنافسة وكان معلى يحب أن يطرح حمادًا في لسان من يهجوه، قال
حماد: فقال لي يومًا بحضرة يحيى بن زياد: أتقول لأبي عطاء السندي أن يقول: زج وجرادة
ومسجد بني شيطان؟ قال حماد: فقلت له: نعم، فما تجعل لي على ذلك؟ قال: بغلتي
بسرجها ولجامها! فأخذت عليه بالوفاء وثقا وجاء أبو عطاء إلينا فقال: مرهبا مرهبا!
هياكم الله! بلفظ الحاء هاء لأنه أعجمي فرحبنا به وعرضنا عليه العشاء فأبى وقال: هل
عندكم نبيذ؟ فأتيناه بنبيذ كان عندنا فشرب حتى أحمرت عيناه فقلت له: يا أبا عطاء!
كيف علمك باللغز؟ فقال: جيد، فقلت:
ابن لي ان سألت أبا عطاء يقينا كيف علمك بالمعاني
فقال:
خبير آلم فاسأل تزدني بها تبا وآيات المثاني
أراد عالم- تجدني- طبا، فقلت:
1 / 40