ثم نشر الله أبناء إسماعيل وأخوالهم جرهم ، وكانت جرهم ولاة البيت لا ينازعهم بنو إسماعيل لخئولتهم وقرابتهم ، فلما ضاقت عليهم مكة انتشروا فى الآفاق ؛ فلا يأتون قوما ، ولا ينزلون بلدا إلا أظهرهم الله عليهم بدينهم ، وهو يومئذ دين إبراهيم حتى ملؤا البلاد ، ونفوا عنها العمالقة ، وكانوا ولاة مكة ؛ فكانوا ضيعوا حرمة الحرم واستحلوها ، واستخفوا بها ؛ فأخرجهم الله من أرض الحرم.
قال : بم أن جرهما استخفت بأمر البيت الحرام ، وارتكبوا الأمور العظام ، وأحدثوا فيها ما لم يكن قبل ذلك ؛ فقام عليهم مضاض بن عمرو خطيبا ، فقال : يا قوم احذروا البغى فققد رأيتم من كان قبلكم من العماليق ، كيف استخفوا بالبيت ، فلم يعظموه ، فسلطكم الله عليهم ؛ فأخرجتموهم ، فتفرقوا فى البلاد ، وتمزقوا كل ممزق ، فلا تستخفوا بحرم الله تعالى فيخرجكم منه ، فلم يطيعوه وولوهم بالغرور ، وقالوا : من يخرجنا ونحن أعز العرب وأكثر رجالا وسلاحا ؛ فقال لهم : إذا جاء أمر الله بطل ما تقولون ، فلما رأى مضاض بن عمرو ذلك عمد إلى غزالتين من ذهب كانتا فى الكعبة ، وما وجد فيها من الأموال التى كانت تهدى إلى الكعبة ، ودفنها فى بئر زمزم ، وكانت بئر زمزم قد نضب ماؤها ؛ فحفرها بالليل ، وأعمق الحفر ، ودفن فيها تلك الغزالتين والأموال ، وطم البئر ، وأعزل جرهم وأخذ منهم بنى إسماعيل ، وكانوا قد اعتزلوا عنهم حرب خزاعة (1)؛ فأخرجت
Sayfa 73