قال الإمام أبو إسحاق وأحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبى فى كتاب «العرائس» فى قصص الأنبياء عليهم السلام : «لما نجى الله خليله عليه السلام من نار النمرود ، وآمن به من آمن خرج مهاجرا إلى ربه ، وتزوج ابنة عمه سارة ، وخرج بها يلتمس الفرار بدينه ، والأمان على نفسه ومن معه ، فقدم إلى مصر ، وبها فرعون من الفراعنة الأول (1)، وكانت (2) سارة من أحسن النساء ، وكانت لا تعصى إبراهيم ؛ وبذلك أكرمها الله تعالى ، وأتى إبليس إلى فرعون ، وقال : إن هاهنا رجلا معه امرأة من أحسن النساء ، فأرسل الجبار إلى إبراهيم ، وقال له : ما هذه المرأة منك؟ فقال له : هى أختى ، وخاف إن قال : هى امرأتى أن يقتله ، فقال له : زينها ، وأرسلها إلى ، فرجع إبراهيم إلى سارة ، وقال لها : إن هذا الجبار قد سألنى عنك فأخبرته أنك أختى ، فلا تكذبينى عنده ، فإنك أختى فى كتاب الله ، فإنه ليس مسلم فى هذه (3) الأرض غيرى وغيرك.
ثم أقبلت سارة إلى الجبار ، وقام إبراهيم يصلى ؛ وقد رفع الله الحجاب بين إبراهيم وسارة ؛ ينظر إليها منذ فارقته إلى أن عادت إليه إكراما له وتطييبا لقلب إبراهيم ، فلما دخلت سارة على الجبار ، ورآها ، فدهش من حسنها ، ولم يملك نفسه إلى أن مد يده إليها ، فيبست يده على صدره ، فلما رأى ذلك أعظم أمرها ، وقال لها : سلى ربكي أن يطلق يدى ، فو الله إنى لا أؤذيك. فقالت سارة : اللهم إن كان صادقا فاطلق له يده ، فوهب لها هجر ؛ وهى جارية قبطية جميلة ، فردها إلى إبراهيم ، فأقبلت إليه ، فلما أحس بها انفتل من صلاته ، وقال : مه مه ، فقالت : كفى الله كيد الفاجر ، فوهبنى هاجر ، وقد وهبتها لك ، فلعل الله يرزقك منها ولدا.
وكانت سارة قد وضعت الولد حتى أيست ، فوقع إبراهيم على هاجر ، فحملت ، وولدت له إسماعيل ، وقام إبراهيم بناحية من أرض فلسطين من
Sayfa 64